الهلاك

سنة النشر : 07/04/2009 الصحيفة : اليوم

 
.. في المقالة الماضية «إن هلكتْ هذه الأسرة.. هلكنا»، كتبتها بقلبٍ مشحون, فيبدو أني أضعت بوصلة التحكم.. لأني رحتُ ألوم بشدة، لـُمْتُ كامل المجتمع، وهذا خطأ كبير، وزللٌ عميق، فما أدرى كل الناس عن أيٍّ من الناس؟ صحيح أن الناس تباعدوا في ظروف تتطلبها شئون الحياةِ والمعاش، ولكنهم علموني أن الخيرَ موجودٌ وعميم.
 
لم يقل لي أحد كلمة، ولم يلمني أحدٌ بجملة، ولكن ردودهم وأفعالهم تجبرني أن أقول أن ناسي بخير، مجتمعي بخير.. وكان لا يجب أن أضيِّع تفاؤلي، وهو رأسُ مالي.. لقد صبّ الغيثُ من الرسائل والمكالمات والبريد، كلٌ يريد أن يقدم العون.. ولو كانت الصفحة تسمح لنقلت اسماءَ الجميع.. ولكني سأذكر قِلـّة هم أول من وصلت رسائلهم ومكالماتهم..
 
لم أستأذنهم.، وربما هذه خطأ آخر.. ولكني أتذكر أني قلتُ أني أخطأت، ولا أتذكر أني قلت أني سأتوقف عن الخطأ! أبدأ برسالة الدكتور عبدالله بن حسين القاضي: «إشارة إلى مقالكم المنشور بجريدة (اليوم) بشأن الأسرة المحتاجة للمساعدة.
 
نشكر لسعادتكم الاهتمام بمثل هذه الحالات الإنسانية وتتشرف جمعية البر بالمنطقة الشرقية بتقديم المساعدة العاجلة لهذه الأسرة وأمثالها ممن يحتاجون للدعم والمساعدة.
 
لذا آمل من سعادتكم التكرم بإرسال طريقة التواصل مع الأسرة بأسرع وقت ممكن لتتمكن الجمعية من التواصل مع الأسرة وتقديم الخدمات اللازمة.. علماً بأن الجمعية على أتم الاستعداد لتقديم خدماتها لكل من تثبت حاجته للمساعدة.» والسيدة المثقفة صاحبة اليد اليضاء «شريفة الشملان» قالت بما معناه: لا تقلق فهم مسئوليتنا الآن.
 
ثم توالت رسائلٌ من الفجر كلها تطلب معلومات عن الأسرة، والذين هاتفوني ليسوا بالضرورة من أصحاب الأعمال والمال، أغلبهم من الموظفين، ولكن ثرواتهم هي ما عمر في قلوبهم من المحبة والرحمة والخير.. السيد حامد الغزيري من أرامكو يقطن الدمام، وكتب يرجو أن يعرف عنهم بأقرب وقتٍ ليتمكن من عمل «شيء».
 
وراسلتني الفتاة سارة: « أمي اطلعت على المقال وتأثرت كثيراً، وتريد أن تتصل بالأسرة لتقدم ما تقدر عليه.» وعبدالغني الغامدي من الخبر بادر بالكتابة وسأل عن عنوان الأسرة، ومن أم ريم، ومن الخيِّرةِ ليلي بخش من ارامكو التي تابعت الموضوع بحرص ودقة وجدية وتهذيب راق.
 
والسيد عبدالرحمن الغامدي من شركة بالجبيل من شركات سابك، ويصر على سرعة الرد، ومن السيدة الفاضلة أم عبدالعزيز بن صالح، ومن السيد عبدالكريم الشمري من حائل الذي قال: حتى لو أطير إلى ي مكان في المملكة للأسرة..» وكثير.. وسأختار بعض الطريف منها: « أنا الدكتور عفـّت أحمد همّام من مصر، لو تعطوني تأشيرة لقضيت الوقت لمعالجة الأب والأسرة.. والله العظيم».
 
« اسمي جيهان بنت سعودية مقيمة حاليا في الخارج، ولقد أرسلتُ على عنوان الجريدة مبلغ فيه خمسمائة ريال، وهو قيمة توفيري لشراء (آي- بود).. ولكن هذه العائلة ألزم.» أما أيمن من اليمن: « أنا شاب مشلولٌ وميسور ولله الحمد لأن أبي يعمل بالسعودية وذهبت للسفارة السعودية أريد أن تبرع للأسرة السعودية، ولم أستطع أن أنفذ ما تمنيت»
 
واقول لصديقنا ابو فارس سفيرنا باليمن: أني متأكد لو علمتَ لاستقبلته وشكرته.. والحمدلله فلم تعد للأسرة حاجة بوجود طيبين يقضون الحاجات. ولقد أرسلتُ للجميع رقم الدكتور الفاضل حكمت للتنسيق.
 
يا ألله.. ما أكرمَك!