ضعف بنيتنا الاجتماعية

سنة النشر : 04/04/2009 الصحيفة : اليوم

 
انظروا هذه الرسالة وانظروا إلى أين وصل مجتمعنا، وكيف بدأت تتيبس قلوبُنا، وانظروا إلى ضعف بنيتنا الاجتماعية رسمياً وأفراداً.
 
هذه الرسالة التي وصلتني من أستاذٍ عربي في جامعةِ الملك فهد للبترول والمعادن، هي إصبعٌ يُغرز في عين مجتمعنا إما ليفتحها على آخرها لكي ترى عيوبَ المجتمع وسقطاته، وتتنبه له قبل فوات الأوان.. أو أن تعتمي فترتاح، وتـُريح.
 
الموضوعُ ليس فقط فردياً مؤلماً ومأساوياً، ولكنه مرآةٌ نرى فيها وجهاً بشِعا لنا نمَّيناهُ من زمنٍ ونحن غارقون في تجميلٍ اصطناعي واجهي ووجاهي، وأثناء هذا الإجراء المصطنع، مع الوقت، بدأنا ندفنُ انسانيتـَنا، ولا ننتبه لواجباتِ مقتضيات المصالح الرسمية الي يجب وجوباً أن تقوم بدورها بلا مِنّة.
 
ويجب أن نتساءل ونحاسب أنفسنا عن وجود حالاتٍ مثل التي سترويها لكم الرسالة. اجلسوا مع أنفسكم، وفكروا، فلكنا ملومون.. كلنا ملومون. وللمعلومية فقد أرفقتُ جميع معلومات الحالة للجريدة لتتحقق منها الجهة الرسمية المعنية، وأنا هنا لا انتقدها، ولكن انبهها، كما أنبه نفسي، وليتنبّه المجتمعُ كافة، فالله أرادنا صفا متراصا.. ليس فقط في المساجدِ، ولكن في كل شئون الحياة.
 
أترككم كلكم مع الرسالة وضمائركم: «الأخ نجيب، .. منذ حوالي العام سقط جارُنا فريسة لشللٍ نصفي أقعده تماماً عن الحركة والنطق، وهو أب لخمسة أطفال أكبرهم دون السادسة من عمره، وهو لا يلقى الرعاية من أحد إلا زوجتِهِ المثقلة بأعباء البيت والأطفال الخمسة، وصروفِ الحياة، وهي قائمةٌ عليه ليلاً نهاراً.
 
ولا يخفى أن الرزقَ انقطع تماماً مع قعود ربّ البيت، ويعيشون في حالةِ فقرٍ وجوع وضنـَكٍ لا يُصَدَّق أنه يحدثُ في مجتمع خيرٍ ومتكافل.. فوق أنهم يقطنون بالإيجار، وأعباء الحياة كثيرة.. كثيرة. أما متطلبات علاجه فتجعل الأمرَ يصل بهم إلى الاستحالة في العيش.
 
صحيحٌ أن بعض أهل الخير لا يقصرون أحياناً، ولكنهم قلة، والذي يأتي لا يسدّ الرمقَ. وأنا جارٌ لهم أحاول كل ما في وسعي للتخفيف من معاناةِ هذه الأسرة البائسة، وما زلت إن شاء الله على عهدي.
 
وأخذنا المريضَ قبل أسبوع بمساعدة الهلال الأحمر للمستشفى المركزي، ولما عُدُّته هناك أخبروني أنه لا يتحسّن، ويجب أن يؤخـَذ لمستشفى تخصصي للأعصاب، فقد تعود حالته شبه طبيعية لو توفر العلاجُ المتخصص.
 
الذي لفتني بشدةٍ يا أخي أن هذه الأسرة لا يزورها أحدٌ مطلقا، ولا من باب المجاملةِ والمواساةِ، ومن الممكن، لا قدّر الله أن تهلك بدون أن يدري أحد. ولا أخفي عليك أني قلقٌ ومحتارٌ: ماذا أفعل كي انقذ هذه الأسرة من الضياع والهلاك لا سمح الله؟ الله.. الله.. يا أخ نجيب، بهذه الأسرة. من: الدكتور حكمت شعلية..» نعم. الله.. الله.