المزاج الروحي
سنة النشر : 28/03/2009
الصحيفة : اليوم
.. ما رأيكم اليوم في أن نختارَ مزاجَنا هذا الصباح؟ أممم .. أريد اليومَ أن أكون في مزاج العمل، أو مزاج إجازة، أو مزاج الحب، أو مزاج الشاعرية، أو مزاج المعرفة، أو المزاج الروحي، أو الرياضة العقلية.. أو مزاج خال من كل الأمزجة.
أضغط على زر معين، أو بنيّةٍ ذهنية، ثم ألبس مع ثيابي مزاجي، الذي ارتديه كلما شئتُ، وأبدّله كلما شئت.
قد يبدو لكم أني ارتديتُ اليوم مزاجَ الهلوسة، ولا كيف يمكن أن نرتدي أمزجتنا؟ وكيف نلون صبغتنا الكروموسومية العقلية على كيفنا واختيارنا؟ أليس العقلُ هو الذي يقودنا؟ فكيف نقودُ نحن العقلَ ونغير ونبدل فيه كما نشاء؟ ولكن أتركني أنا وهلوستي، فعلم هندسة الأعصاب يقول بإمكانية ذلك، ليس اليوم ولا غدا لكنه ممكن علميا، ويمكن أن يتحقق في مستقبل علمي منظور ..
بل إن هناك الآن متوافرا عند بعض أطباء الأعصاب والمخ، في المستشفيات المجهزة، جهازٌ يُسمى، بترجمتي التي أرجو أن تكون صحيحة طبيا: (( (الحاثُّ المغناطيسي عبر الجمجمة Transcranial Magnetic Stimulation (TMS)) وهذا الجهازُ عندما يوصل بالرأس يستطيع أن يؤثر على مناطق في الدماغ على بعد سنتمترات قليلة من السطح، فهو لا يصل إلى الأجزاءِ العميقةِ في الدماغ.
فهناك نقاطٌ مهمة ومؤثرة في لحاء الدماغ، الذي يفرغ فيه الجهازُ تياراتـَه المغناطيسية، ويعمد الأطباءُ فيه إلى علاج مرضى الشقيقة والكآبة، ووجدوا أنه يعطي نشاطاً أكبر للدماغ، مع أفكار أكثر جرأة، وصفاءً أنقى للذهن.
ولكم أتمنى أن يكون الجهاز في ذروته المزاجية ومتوافرا الآن.. لآخذ منه على حسابي هدايا إلى كلّ مِن :
- هيئات التعليم، وسأضبطه على مزاج الحرص على التدريب ومتابعة التعلم لدى المعلمين، وتعلــّم الطلاب وليس فقط تعليمهم، ومزاج سائغ للتربية والصبر.
- وسآخذ للبلديات لوضعه على مزاج الإنتاج البعيد عن البيروقراطية، والنفعية الذاتية، وتقبل آراء الناس، وعدم المجاملة في مسألة الحقوق العامة، ومزاج الحرص على تطبيق المواصفات، ومزاج مهم آخر اسمه مزاج إن قمت بمشروع فانهه .. وعلى أحسن وجه.
وسآخذ ايضا عدة أجهزة للموظفين العامين لضبطه على مزاج حبّ الخدمة العامة، والحرص على الوقت والانجاز، والنظافة في الأداء، وتحمل المراجعين مهما ألحوا بطلباتهم.
- والتجار ورجال الأعمال لضبطه على مزاج القناعة، والخدمة المجتمعية، وتأييد الخطط الوطنية في الرقي الفردي، ومحاربة الفقر، وتنمية الخدمات الاجتماعية.
- وأجهزة لوزارة الشئون الاجتماعية لضبطه على مزاج فسح الجمعيات، وتشجيع العمل التطوعي الأهلي، وأن النظامَ يوضع من أجل تكاثرها، لا من أجل الحد منها.
وبما أن الفكرة فُهـِمت فأترك باقي الأجهزة للقراء ليوزعوها على من يحتاج إلى ضبط مزاجي، وسأكون قد ضبطت الأجهزة قبل أن أتركها للقراء على مزاج قراءةِ مقالات الكُتاب، مهما بلغ ثقلها وبلغت أخطاؤها.. وكأنها من أجمل المعلقات.