سنة النشر : 27/02/2009 الصحيفة : اليوم
سؤال الأسبوع:
من البنت الشاطرة- وهي شاطرة فعلا- تسأل لماذا لا يحترق الماء وهو مكون من مادتين قابلتين جدا للاشتعال، الأكسجين والهيدروجين؟
- صحيح؟! لماذا؟ الهيدروجين شديد الاشتعال لدرجة أنه يستعمل في اللحام والصهر، وإن أردنا أن نخنق النار نمنع عنها الأكسجين.. عجباً. ولكن يقول الكيميائيون يا شاطرة إن العنصرين قد احترقا أصلا بعملية الدمج بينهما، فأصبحا عاليي الكثافة فاقدي القيمة الاحتراقية.
البنت الشاطرة ( ولا أدري إن كانت نفس الأولى، فالعنوان الالكتروني ووقت بعث السؤال يختلفان ).
دخلتُ مطعما إيطاليا ووجدت صورة إنسان مادا أربع أياد وأربع أرجل، وعليها كتابات بالإنجليزي، فماذا تعني، سألت العاملين في المطعم ولم يفيدوني؟
- نعم ذهبت حسب وصفك يا شاطرة. والرسمة تسمى الأبعاد البشرية رسمها الفنان والعالم الفذ «ليوناردو دي فينشي»، في القرن الخامس عشر، وتعبر عن اتحاد الإنسان مع عناصر الكون، والكتابة حوله ليست بالإنجليزية ولكن باللاتينية.. مع حشو أسرار بعضها لم يفك لليوم.. أما عاملو المطعم فتأكدتُ أنهم يعرفون «الباستا» .
ومن السيد مرتضى من صفوى هذه الأسئلة الممتازة :
-هل صحيح أن في القرآن الدليل على كروية الأرض.. ولمَ لمْ يؤمن بهذا علماؤنا من قبل؟
- مسألة استظهار الإعجاز العلمي في القرآن شائكة وبعضهم بالغ فيها.. ولكني أؤمن بأن أي معلومة علمية في القرآن هي حقيقة، ولست مع القائلين إن كل حقيقة علمية مكتشفة لها سند أكيد من القرآن الكريم .
يا ريت تفهِّمني ببساطة نظرية النسبية لآينشتاين، أمنيتي أن يشرح لي أحد معناها، وأفهمها؟
- حتى أنا ! ولكن سأحاول ببساطة: خذ كلمة «الآن» كنا نحسب الآن عند اثنين في أي مكان هو واحد، ولكن لو شاهدت مقابلات التليفزيون بين مذيع في الرياض، وآخر في مونتريال، فتجد أن بينهما فارقا في وقت الإجابة، بينما المذيع يسأل «الآن».. والآخر يجاوب «الآن»، ولكن لبعد المسافة وسرعة انتقال الصوت فإن (الآن) اختلفت عند الاثنين فكأن هناك (الآن أ) و(الآن ب) عند شخصين في ذات اللحظة عند كل منهما.. هنا بنيت كل مخيلة النسبية رياضيا وفيزيائيا وكونيا.. أرجو أن أكون صائبا، وأنك فهمتني.. فالتفيهمُ أيضا «نسبي» يا مرتضى. !
أجبت عن رسامين أوروبيين ألا يوجد رسامون كبار أمريكيون؟
- يا الله عليك يا مرتضى، لكم تمنيت سؤالك.. بلا، بلا. هناك فنان من أعظم الفنانين قاطبة، وهو كاوبوي اسمه «تشارلز رسل».. أدخل الحركة إلى الرسم وربط عنصر الطبيعة مع الإنسان والحيوان في مدرسة فريدة تبعها الأمريكيون فيما بعد.. معظم مشاهد سينما الغرب الأمريكي، واللباس، وضواحي الغرب الأمريكي مقتبسة من لوحاته ().
ومن الأديب «أ. ع» (عفوا يا دكتور رمّزْتُ اسمـَك عمدا)، الهفوف، هذه الأسئلة، ويريدني أن أجيب بصراحة . ومن أحمد العبادة، عسى ألله أن ينجينا من مصائد إجابات أسئلته
- الخرج هل يمكن أن نصدق أن نيرون القيصر حرق روما ثم راح يعزف على قيثارته ؟
ـ أجمع مؤرخون أنها أسطورة أكثر من كونها حقيقة مثبتة.. ولكن ما رأيك بمن يحرقون بلادهم، وبدون مصاحبة عزف موسيقي يا أحمد؟
هل تؤمن بأن السياسة تتبع نظرية ميكافيللي: الوسيلة تبرر الغاية ؟
- أثرت شجَناً، ونقاشا صار لي مع مفكرين في جريدةٍ آسيوية. أعتقد أن من يقرأ مليا كتاب الأمير لميكافيللي، وبترجمة صافية من الإيطالية القديمة إلى أي لغةٍ حية، قد يتضح أن الذي قاله ميكافيللي ليس الجملة المشهورة التي ذكرتها بل أسوأ.. يكرر ميكافيللي أكثر من مرة هذا المعنى، وهو مغزى الكتاب: «لا يهم ما الوسيلة، بل المهم أن تنجح بها».. وهي مطبقة بوضوح الآن!
ومن «الدكتور الفلاني»- جامعة الملك محمد بن سعود، الإحساء وصلني أنك ضللتَ مرة قراءك حين قلت إن كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي لم يكن موجها ضد ابن رشد، نقيض ما نعرفه كمختصين، فالزم تخصصك؟
- لم أدّع ِتخصصا، ولا أدعو الناسَ أن يعتمدوا «اسألوني» كمرجع. ولكني أرجو أن تتمهل مرة ثانية وأنت تقرأ كتاب تهافت الفلاسفة لأبي حامد الغزالي، وستجده كان نقدا للفلاسفة عامة،ً وخص بالتحديد «ابن سينا» الذي ابتدع مذهبا فلسفيا في الوحدانية بخليط من مبادئ الإسلام وتعاليم أفلاطون وأرسطو.. ولم يقصد ابن رشد .. ثم نصيحة صغيرة يا مختص: راجع تاريخ مولد كل منهما.. بس بيني وبينك.!! () ()ويقال إنه متى ما تم الجمع بين الهيدروجين والأوكسجين كيماويا ، فانهما يفقدان، خاصتيهما، هما H2 و O2 وعليه فانهما يتحولان إلى مادة أخرى لا تشتعل. بل تساعد في عملية إطفاء الحرائق..
تشارلز رسل ابتدع أيضا الكتابة على الرسم بفلسفة إحساسية تضفي روعة إنسانية على لوحاته. من لوحاته زعيم هندي أحمر راكب بفخار على حصانه الأدهم، ويطل على السفوح.. وكتب حوله: «هذا هو (فقط) الأمريكي الحقيقي، حارب ومات من أجل وطنه. اليوم لاحق له بالانتخاب، ولا وطن.. ولكن، يوما ما، سينصفه التاريخ.» () سها على «الدكتور الفلاني» أن ابن رشد وُلد بعد موت حامد الغزالي بخمس عشرة سنة!.