أغاني الدراويش

سنة النشر : 06/02/2009 الصحيفة : اليوم


كم عدد أرجل الحمار؟

.. ونبدأ الزاوية بهذه التصحيح الذي وردني من السيد «نضير السامرائي» من العراق، ويعيش في الإمارات:» كتبت يا سيدي في مقال لك أن الفينيقيين هم من اخترعوا الكتابة، وهذا خطأ صريح وتجَنٍّ تأريخي، فالحضارة السومرية في العراق القديم من حضارات ما بين النهرين هم أول من اكتشفوا الكتابة، فأرجو نشر التصحيح ليستفيد الجميع..». على أي حال هذا جدلٌ تأريخي عن مفهوم الكتابة أتركه للقراء للبحث، لمن يهمه ذلك.

ومن «الدكتورة المصرية»- طنطا، والتي سبقت أن عنـّفتنا هنا سابقاً على وصفنا مدينة رشيد بأنها قرية غافية على النيل، واشكر لها اهتمامها ومتابعتها، وإفادتنا بعلمها وتخصصها: «كتبتَ يا أخي أن حجر رشيد عند الفرنسيين، وهذا خطأ فالذي أخذه هم الإنجليز.»

- الذي قلت يا دكتورة إنه اكتشفه الفرنسيون أيام الغزو الفرنسي بقيادة نابليون، ووجده أحد رجاله وهو يرمم آثارا بجانب «مدينة» رشيد في العام 1799م، ولما ترك الفرنسيون مصرَ في العام 1801م، استولى عليه الانجليز، واخذوه إلى متحف لندن وكتبتَ يا «أخي» أن شامبليون، واسمه الكامل»Jean Francois Champollion»، هو من فك طلاسمَ حجر رشيد وهذا غير صحيح إنما هو «Thomas Young» الذي فك طلاسمَ الحجر قبل شامبليون. - نعم، ولا.

يا دكتورة الدكتور يونج ( وهو طبيب) هو من بدأ، ولكنه وقف عند كشف أسماء الملوك في الخط الهيروغليفي، وأن كلّ اتجاهٍ لرأس حيوان أو يطير بدلالة مختلفة فقط، أما من فك كل طلاسم الهيروغليفية وقدمها للعالم فهو الفرنسي الذي كتبتِ اسمه كاملا شامبليون.. معلش يا دكتورة المرة دي صح!

ولإفادتكَ أنتَ وقرائك، يجب أن تعلم أن الهيروغليفية ليست كلمة فرعونية، بل هي أغريقية ( وتقصد اليونانية القديمة) من شقـّين «Hieros» وتعني المقدّس و «Glyphein» تعني الحفر، أي أن الهيروغليفية معناها: «الحفرُ المقدّس».

- أشكرك يا دكتورة، ووسّع اللهُ من مدارككِ ومعارفِك.

ومن نصيف ألأحسائي، وأقف احتراما لثقافتة ورحابة اطلاعه وتهذيبه الجمّ، وهو طرح أربعة تساؤلاتٍ طالبا قبولها استثناءً، وقبلناها بترحاب لأنه يستاهل حقا، ونعتبر أسئلته هي أسئلة الأسبوع:

لما تكلمت في مقال لك عن الشعر المهجري، أشرتَ إلى شاعر مهجري آخر منسي، ولم تذكره فمن هو؟

- هو الشاعرُ «رشيد أيوب»، وهو شاعرٌ رقيقٌ، مرهفٌ، دائمُ الحزن، والحنين إلى موطنه لبنان، وله ديوان باسم ( أغاني الدراويش) مزدحم بالحلم والرومانسية والشوق لبنان، فهو يقول: يا ثلجُ قد هجتَ أشجاني ذكّرتني أهلــــي بلــبــنــــانِ باللهِ عنـّيِ قـُلْ لاخواني ما زالَ يرعى حُرمةَ العهدِ

نعرف ان العقادَ عاصر طه حسين، ولا بد أنه عاش عاصفة نشر كتاب الأخير «الشعر الجاهلي»، فهلا تروي غليلَ ظمأ فضولي وتخبرني ماذا كان موقف العقاد، أو إن لم يكن له أي موقف؟

- لا، بل كان له موقفٌ يا نصيف، وموقفٌ قويٌ يدل على أنه مفكرٌ حرٌّ ومستقلُ الرأي، فوقتها كان ينتمي بقوة لحزب الوفد وكان من كبار متكلميه، وثارت ثائرة نوّاب الوفد على طه حسين كموقف حزبي جماعي، ولكنه استقل برأيه ومارس طبعه بأن وقف مدافعاً عن طه حسين مناصرة للحريةِ الفكرية.

وقلت أن العقادَ ضد الاشتراكية، بينما هو الذي وقف متصدياً وردّ على كتاب (سرّ تطور الأمم) لجوستاف لوبون؟

- عاد العقادُ عداءً دمويا الاشتراكية الماركسية الإنجلزية بكتابه المشهور عنها، ولكنه، وهذا رأي شخصي من فرط قراءاتي عن العقاد، مال بوضوح إلى الاشتراكية الفابية والتي كان من أعمدتها «برنارد شو»، وهي المدرسة التي أدت لتكوين حزب العمّال البريطاني.. ودعني يا نصيف أضع خطا هنا لأوضح أن العقادَ في حديثه عن تلك الاشتراكية كان يرى أنها تحققت من قبل في القرآن الكريم.

هل ترى أن كراهية العقاد للمرأة حقيقة، ولماذا.. أم اسطورة صدقها الناس؟

- لا، كانت خليط من الحقيقةِ للأسف، أي أنه لم يكن يكرهها بالأكيد، ولكنه كان قليل الثقة بها، ويعتقد أنها تنصب وتكيد بالرجال، وحاول جاهداً أن يثبت أنها ضعيفة عقل مستشهدا بأقوال الفلاسفة (وهم معادون تقليديون للمرأة)، وأمثلة التاريخ، وحتى مستشهدا بالقرآن الكريم( ).. وبظني انه تأثر جدا بما قرأه عن «شوبنهاور» الفيلسوف الألماني الذي قال:» المرأةُ ليست مهمة إلا في حفظ النوع»

ومن السيدة عدوة الروتين: هل تعتقد أن ما ينقله المسئولون للمسئولين الأعلى دوما يكون واقعيا ودقيقا وحقيقيا؟

- شوفي يا أختي سأحكي لك هذه القصة، وأنتِ وفهمك:

استدعى الرئيسُ الأمريكي لنكولن الأمريكي مسئوليه وقال لهم: «كم عدد أرجل الحمار، باحتساب ذيلـَه رجـْلاً؟

الجميع- خمس، سيدي الرئيس.

لنكولن- توقعت ذلك منكم، وهو خطأ شنيعٌ.. يبقى للحمار أربع أرجلٍ حتى ولو قال الرئيسُ أن ذنـَبـَهُ رٍجـْل!

لغزُ الأسبوع: بصيرٌ بما يٌوحى إليهِ ومالـَـهُ لسانٌ ولا قلبٌ ولا هو سامعُ كأن ضميرَ القلبِ باحَ بسرِّهِ إليهِ إذا ما حرّكـَتهُ الأصابِـعُ

تعقيبات: حجر رشيد لا يزيد حجمه عن ال114سم، وليس مكتوبا عليه فقط في الهيروغليفية بل بثلاث خطوط ، فالثانية لغة مصرية قديمة أخرى اسمها الديموغراطية، والثالثة اليونانية القديمة.

بالنسبة لسؤال نصيف الأخير، أنظر في كتب العقاد: «الإنسان الثاني، أو المراة»، «مطالعات في الكتب والحياة»، «الفلسفة القرآنية»، و..»المرأة في القرآن الكريم».

في أمان الله..