التونسي
سنة النشر : 04/02/2009
الصحيفة : اليوم
.. هذا الرجلُ لا يتعب من البدءِ من جديد، وكل مرة يظهر حاملاً مشروعاً بحجم كبير، فكأنه يضَعُ ماموثاً عن ظهره، ثم يحمل ماموثاً آخر بلا تعبٍ ولا شعورٍ بالإرهاق ..
أو أنه يشعر بكل آلام هذا العبء الشديد لكنه يتحمل بطاقةٍ ممدودة، ونقصد أخانا الأستاذ محمد التونسي الذي عاش مراحلَ تاريخية عملية شخصية، تكفي كل منها لشخصيةٍ بحالها أن تعيشَ إحداها بكامل مجدِها وألقِها ومؤثراتها.. وآلامها.
واستلم الأستاذُ محمد التونسي مشروعاً ضخما ومهما آخر بعد قناةِ الإخبارية التي بدأها من اللاشيء، إلى أن اصبحت قناةٌ يعرفها القاصي والداني.
وبصماتُ محمد التونسي واضحة، وهي بصماتٌ يمهرها بيديه في كل مشروع، فهو يضعُ نفَسَهُ وفكرَهُ ثم يقود باقي العمل لا بالأمرِ في نسخ أفكاره لكن ليبني فريقـُه على أرضية راسخةٍ أعدّها هو ومهدها هو، وبالتالي كل بناءٍ فيه تجديدات، وتطويرات، وهندسة، وفلسفة التونسي يطبقها مع فريقه، ليس بالضرورةِ بديموقراطيةٍ كاملة.
إنه يضع طريقاً مرصوفا بالنمط التونسي و»لزماً» أن تلائم أقدامَ فريقه الطريقَ الذي رصفه بطريقته، وهنا طابع محمد التونسي الإداري، ومذهبه في قيادتهِ الجماعية.. وهذا ما أثار عليه دوما عواصفَ النقد، فهو لا يتبع النصيحة التي تقول بالانحناءِ مع العاصفة، وألِفَ الالتحامَ مع الأعاصير.
جاءه الكثيرُ من النقد العنيف واللوم الشديد في كل مشروع، حتى أن كثيرين لو كانوا مكانه فقد ينسحبون أو ينحنون للعاصفة. فالتونسي لا يدعي جسارة المحاربين، لكن الثبات في المعركةِ من طبيعتِه، يحاربُ رغماً عنه، لا يمكنه أن يغير نفسَه ولا يطوّع آراءه، إلا أن تتطور من منبع مفاهيمه، وتنطلق من منصةِ طبعه، لذا مهما انهالت المطارقُ على هذا الرأس المتمـَترس بأفكاره وأولوياته إلا أنه لسببٍ مفهوم، أو يلتبس على الأفهام، تعود إليه المهماتُ الكبيرة، والمهماتُ الكبيرةُ تحتاج الى قلب لا يفِل، ورؤيةً لا ضبابَ عليها، وفكر ينبت من أرضيةٍ لا تتقبل التنازلَ فيما لا تستطيع أن تستنبته.
وتتعجب، من أين يأتي التونسي بحماسةٍ متجددة؟ فهو الآن يقود جريدة «عكاظ»، وهو مشروعٌ كبير قائم ومنتشر، وأمامه تحدٍّ كبيرٍ في أرضيةٍ بناها غيره.
فقد تعود لمشروعين كبيرين هما جريدة الاقتصادية، وقناة الإخبارية، بأن يبدأ من الصفر، ولكن سيجد التونسي وسيلة لوضع رواكزَه الإنشائية في مبنى قائم لأنه لا يملك إلا أن يفعل ذلك، وسيعلم أن سهاماً جديدة ستنطلق إلى صدرٍ تعود على استقبال السهام.
والغريب أن السهامَ لا تتكسر نصالهُا على النصالِ، ودائماً تجد مكاناً تصل إليه في صدر التونسي، والأغربُ أن كل رشقةِ سهمٍ تزيده مناعة، وكأنه يستمتع بتجميع النصال.
ومازلنا نترقبُ بفضول المهتمين عكاظ المرحلة التونسية .. فكيف ستكون؟