بن معمر

سنة النشر : 03/01/2009 الصحيفة : اليوم

 
.. كنا نراقب منتدى «أمطار» يسعى ليحتل مكاناً جديراً بما نأمله له في دوائر العاصمة الرياض، الاجتماعية والفكرية والثقافية..
 
ولكننا لم نعتقد أن تسبقنا خطى منتدى «أمطار» بما نخططه، ونرسمه أمامه من سكةٍ يمشي عليها ليكون هو الذي يخط سكة الطريق..
 
لم نكن نتوقع أن تحتل أخبارُ منتدى «أمطار» الصفحة الأولى في جريدتـَي العاصمة المرموقتين، « الرياض»، «والجزيرة»، في ذات اليوم، بذات الصفحة الأولى، ثم تتابعا مفصَّلاً في الصفحة الثانية لكل منهما يوم الخميس الفائت.. وكأنهما اتفقتا، أو وكأن «أمطار»، أو ما حدث في «أمطار» ذاك اليوم.. من أهم أخبار اليوم.
 
ليس السببُ أمطار، فنحن نعرف هذا، وإنما حجمُ الضيف، وحجم تصريحاته، ولكن الصحيفتين ذكرتا ان الحدَث صار في «أمطار»، وذكرتا اسم المنتدى غفـلا، وكأنه اسمٌ يدور في ذاكرةِ الناس، ومعروفٌ بمجرد الاسم.. كلا الخبرين يقول: «ابن معمر يعلن خلال ندوة في «أمطار»، ولم تشرح الجريدتان ما هي «أمطار»، ولمن «أمطار»..
 
مفترضتان أنها مكانٌ معروفٌ لمناسباتٍ معروفة.. أو، وكأن «أمطار» صارت رهينة الملكية العامة، ليس بما يملكه الناس بالوثائق والصكوك، ولكن بالنتائج والمنافع.. وكفى «أمطار» أهمية بهذا.
 
و«ابن معمر» هو صديقنا العزيز والكبير معالي الأستاذ «فيصل بن عبد الرحمن بن معمر»، أمين عام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرجلُ الذي قلنا عنه انه يخط تأريخاً صغيراً لنفسِه، وتاريخاً أكبر للمملكة حين فتحتْ الحوارَ، كبادرةٍ جديدةٍ على المملكة التي عرفها العالم متكتمة، محتمية بصَدفة الصمتِ والسرية والكتمان..
 
وفتح مجال للحوار وسماع الآراءِ من الضِفـَفِ الأخرى في مجتمع لم يكن الحوارُ من طقوسِه، ولا من تقاليدِه، ولا من عاداته المتواصلة، وخرجنا للعالم بمفاجأة.. وكنا قد فاجأنا أنفسَنا أولا.
 
وكانت أيضاً هذه شهادة لأمطار وضيوفِها المميزين.. فقد ضاق البهوُ الواسع بأهل الفكرِ والوجاهةِ الاجتماعية، وروّاد الثقافة، والأعمال، والكُتاب.. وبان أن الرجلَ سيواجه عقولاً استثنائية، وبالفعل..
 
فقد كان الفيلسوفُ الصريح ابراهيم البليهي موجوداً متوثباً، وحضر الدكتور محمد الأسمري وهو يخبيء لسانا ماضيا يقطع الفولاذَ، فتوجستُ معركة ستتعب «بن معمر».. ولكن المعركة حصلتْ بأقوى من التوقعات، و»ابن معمر» خاضها بهدوءٍ وتقبل للرأي مهما عتى وقسى وعلا.. وكأنه ماصٌ عميقٌ للصدماتِ والأصوات.. فكسَبَ الجميعَ، وكسبَهُ الجميعُ..
 
كانت ليلة خرجت منها أفكارٌ كبيرةٌ، منها قناة خاصة للحوار الوطني، وأُعلن عن العزم عن إنشاءِ كرسيٍّ للبحث في الجامعات للحوار الوطني، وآلية كمظلة للتعاون مع المنتديات والصوالين الأدبية في البلاد، وبرنامجٍ للحوار مع الجاليات داخل البلاد..
 
لذا كانت ليلة أضاءها «بن معمر»، وصقلتها عقولٌ رفيعةٌ اجتمعت، وظللتها مظلة «أمطار».. منتدى الجميع!