الحجاج واليهود
سنة النشر : 19/12/2008
الصحيفة : اليوم
.. الفتاة الصغيرة القطرية ( العبقرية الصغيرة) كما تسمي نفسها تستحق الصفة. وهي متابعة للزاوية منذ كانت في نهاية المرحلة الابتدائية، وهي الآن في السنة الثانية متوسط، وبالطبع متفوقة، واسئلتها تنمّ عن متابعةٍ وذكاءٍ ورغبةٍ كبيرةٍ في الفهم والتمحيص، وهي تقول أنها «تعزّ» اسألوني، وأنها توزعها على زميلاتها وصديقاتها واقاربها، ولكن فقط عندما تكون أسئلتها منشورة (هل شممتم رائحة تهديد؟). أختار أسئلتها لتكون اسئلة الأسبوع، وأرجو ألا تعتبروا هذا استجابة للتهديد:
.. من العبقرية الصغيرة- الدوحة، قطر، هذه الأسئلة:
أقرأ مقالا لكاتب ( ...) ثم وجدتُ أنه يقول نحن لسنا كائناتٍ أميبية، ولم أفهم المقصود، ولماذا بعض الكتاب بتفذلكون ويترفعون على قرائهم؟
• لا أظن يا عبقرينا أن الكاتب يقصد ما تعتقدين، فلم أقرأ المقال، ولكن واضح أنه يقصد الأميبة، من الأحياء الحيوانية ذات الخلية الواحدة، التي تتغذى وتخرج وتعيش مِنْ وفي داخلها. أظنه يقصد أننا كمجتمعاتٍ يجب أن نتفاعل مع العالم، لأن العالم يحتاج إلينا، ونحن نحتاج إليه.. لأننا لسنا كائناتٍ أميبية.. عرفتِ؟
وأتعجب التركيزعلى الحجاج بن يوسف الثقفي من جانبه القاسي الدموي، فقد قرأت مؤخرا أنه مترجم عميق وله إنتاج غزير أيام هارون الرشيد، فلمَ تغافلنا عن ذلك برأيك؟
• أبدا يا «عبقورة»، لم نتغافل. اسمه ليس الثقفي، فالثقفي أضفتهِ إنه باستدعاءاتِ الذاكرة، فالمقصود حجّاجٌ آخر ( وتعلمين أن الحجّاجَ الثقفي لم يكن في عصر هارون الرشيد بل سبقه في عصر بني أمية.) والمقصود هنا «الحجاج بن يوسف بن مطر»، وكان بالفعل من كبار المترجمين الخلاّقين في عصر هارون الرشيد، ثم تابع بغزارة في عصر ابنه المأمون، وترجم لهما كتب إقليدس الفيلسوف الرياضي اليوناني الكبير.. ويقال يا «عبقرينا» إنه على عكس صاحبنا الحجاج الثقفي، كان يرتعد ويغمى عليه لما يرى الدم!
وقرأت للشيخ (..) عن «التحسينيات» وأنها من المصالح الإنسانية التي يسعى الشرعُ إلى تحصينها، فما المقصود بها؟
• مع أني أُبعِدُ نفسي عن الخوض في المسائل الشرعية، لقلـّةِ زادي من العلم الشرعي، ولكن من أجل خاطر «عبقورة».. ومتلمِّساً لاجتهادٍ قليل. التحسينياتُ هي ما يحسِّنُ من حال الناس وفق ما تقتضيه مكارمُ الأخلاق في العباداتِ، والعاداتِ، والمعاملاتِ، والعقوبات.. ولا بد أن تعرفي أنها مسألة استقرائية منطقية.(*)
.. ومن الأستاذ عبدالله خيّاط، هذه الأسئلة:
تابعت مقابلتك التفلزيونية يوم كنت بمصر، وتحدثت فيها أن العقادَ كان شاعرا رقيقا، ولكنه فيما نعرفه عنه كان جافا صلب القلب، وينحت عباراته كالصخر، فأين له الرقة؟
• عندما تقرأ بتمعن واستفاضةٍ للعقاد في قصصه بالذات وقصائده ( وهو من كثر من قال شعرا في الأدب الحديث على فكرة) فستجد إنساناً رقيقا فيّاض العاطفة، وحساسا جدا، وهنا مفتاح شخصية العقاد- على طريقته- إنه يغلف هذه الرقة بالصلابةِ المتطرفةِ والعناد، وميله العاطفي للنساءِ بإبداء العداءِ لهُن.. وأنظر لرقتهِ بهذه الأبيات من قصيدته ( ضياء وضياء) :
على وجنتيهِ ضياءَ القمر نظيرانِ يستبقان النظـَرْ
جمعتها أنا في قبلـــــَـــةٍ أو البدرُ قبـّلهُ فابــتــدَرْ
فما زالَ يلحَظهُ جهـْــرةً ويغمزهُ وراء الشجـَــرْ
وقلتَ إن إبراهيم عليه السلام أرامي، وهو كما نعرف عبري؟
• لو عدنا للتاريخ الأثـَني في منطقتنا، فستجد هذا التاريخَ يصرِّحُ بأن سيدَنا إبراهيم عليه السلام كان «آرامياً» جنساً ولغةً ووطناً ( وأحسبُ أنك قرأتَ بعض كتب لكتـّابٍ غربيين نعرفهم يخدمون الغرضَ العِبري في الحركة اليهودية، فدقق رجاءً.)،أما العبرانيون يا أستاذ عبدالله فهم أحفاد سيدنا إبراهيم.(**)
• من أقاربي شخصٌ لا يشعر بالألم وتعرض لكسورٍ ومخاطر، والطبيبُ يقول أن لا رسائل تصل من الأعصاب للمخ، فهل تعرف شيئا عن هذا؟
• ربما أفردتُ يوماً مقالة عن الذين لا يشعرون بالآلام، وهو اضطرابٌ عصبيٌ موجودٌ وخطرٌ بالفعل، والذي أعرفه من قراءاتي في الموضوع أن هناك نواقل واستقبالات من ألياف عصبية مثل دلتا- أ، وألياف سي.. والصحيح يا أخي أنه تصل فعلاً رسالة للدماغ ولكنها تقول:» أنه لا يؤلم!»
.. ومن ( (Violet Rose هذه الأسئلة، وأتأسف لها على التأخير ، والخطأ مني:
ما الفرق بين الطموح والهدفِ والرسالة؟
• الطموح: الرغبة الكامنة للوصول للهدف، والهدف: تحقيق رغبة الطموح، والرسالة: غرضُ الطموح والهدفِ معاً.
ما الحضارة الكِنـْدِية، وهل صحيحٌ أنها قامت في شبه الجزيرة العربية.
• حضارة قديمة بالفعل قبل الميلاد، ثم ظهرتْ مرة أخرى بعد الميلاد، بعد أن تعرضت لغزواتٍ شمالية، واللغطُ حولها كثير بين الأركيولوجيين من حيث الموقع ويعتقد أن عاصمتها مدينة مطمورة الآن جنوب وادي الدواسر تسمى (الفاو).. وتمتد إلى حضرموت الحالية، ويقال إنها بدأت من شرق الجزيرة من الخليج ومن البحرين، ومن شخصياتهم المعروفة الشاعر العربي أمرؤ القيس الكندي، صاحب مقولة: «اليومَ خمرٌ، وغداً أمر..»
.. ومن (أوكسجينا) من صفوى، وهي أيضا من النابهاتِ فكرياً، وأطلب منها المعذرة من التأخر الذي طال، وهي تكرمني فتقول:»المربي الفاضل الأستاذ نجيب: أُصْدِقـَكَ القول بأني أقرأ مقالاتك ليس لانجذابي للموضوع الذي تتحدث عنه غالباً، لكن لا أدري كيف يصبح كل ما تحكي عنه جذاباً فجأةً ، يغذيني بشحنات التفاؤل والاقبال على الحياة، أحب في مقالاتك أيضاً استعمالك للحركات، وإدراج كلمات عربية فصحى لنتعلم منك الجديد مع كل مقال.. « ونشكرها على الإطراء، وأتفاخر به.. مع أسئلةِ اوكسجينا:
حول جملة ذكرها الكاتب (...) في مقاله (أين ذهبت؟) فماذا تعني هذه الجملة؟
• لا يحق لي تفسير هذا الكاتب العميق بالذات، ولو وجهتِ له السؤالَ لأجابكِ.
ما رأيك في علم الطاقة وتشخيص الأمراض عن طريق الهالة التي تحيط بالإنسان، وما أصل هذا العلم ومصداقيته؟
• سؤالٌ عويص، ولكن هناك هالة من شحناتٍ كهربائيةٍ ومغناطسيةٍ حول الإنسان سجلت بالأشعة الطيفية، ولكن ارتباطها الروحي والمادي غير دقيقين للآن، وهي لم تتحقق عِلماً حتى الآن، ولكن تـُدْرَسُ الشحنات الطاقية التي يبعثها وجود الإنسان بتضافر عدة علوم.
لماذا سمي البلوتوث «Bluetooth» بهذا الاسم ؟
• سمي إحياء لذكرى ملك النرويج والدانمرك « هارالد بلوتووث» وهو موحد قبائل الفايكنج المتقاتلة في اسكندنافيا اليوم، ولأن نظام البلوتوث يوحد بين أجهزة اتصال متقاربة ومختلفة تم استيحاء اسم الملك الاسكندنافي الموحٍّد.
.. ومن ناصر السبعان، هذه الأسئلة:
طلب مني الدكتور حيث أدرس في استراليا بحثاً، ولا يوجد من يساعدني إلا صاحب مكتبةٍ متخصص يهودي، فماذا أفعل؟
• إذا كنتَ في ملبورن فاسأل عن المثل الاسكتلندي الذي صار دائراً كصفةٍ للمدينةِ، فالمثلُ يقول: «مسموحٌ لك في أوقات الخطر الشديد أن تعبر الجسرَ برفقة الشيطان، حتى تجتازه!».. فهمت؟
• السعوديون يرسبون في الجامعاتِ الاسترالية لأنهم لا يدرسون بجدٍّ هناك؟
• لو صدق هذا الكلامُ، فالذي يجب أن يرسب أيضاً الملحق التعليمي هناك!
كيف يحافظ الإنسانُ على شبابه؟
• شكراً إن كنت تقصدني.. ها. نعم، هو أن تأكل أكلاً صحيا، وتتريض، وتبتعد عن الشحن النفسي.. وتكذب لو سألك أحد عن عمرك الحقيقي!
تعقيبات:
(*) عودة لسؤال العبقرية الصغيرة عن التحسينيات، نعطي أمثلة عن كل نوع:
• العبادات: وجوب التطهر للصلاة من النجاسات الحسية والمعنوية،وستر العورة، ولبس الجميل اللائق من الثياب.
• المعاملات: منع بيع النجاسات، وتحريم الغش والتغرير، وأن يبيع التاجر على بيع أخيه، وتلقي الركبان خارج الأسواق.
• العادات: مثل آداب الأكل، بأن تأكل مما يليك، والأكل باليمين، وتجنب الإسراف...
• العقوبات: مثل تحريم قتل الرهبان( تصوروا!)، والصبيان، والنساء في الجهاد ( فما بالكم بالسلم؟)
(**) وعودة لسؤال الأستاذ عبدالله خياط: فالدكتور «أليري»، المتخصص والحجة في تاريخ ما بين النهرين والجزيرة، له نظرية يثبتها بأن الآراميين فرع من العرب. ( وهذا طبعا يقيمُ العبرانيين اليهودَ ولا يقعدهم!)
في امان الله..