سنة النشر : 21/11/2008 الصحيفة : اليوم
.. اليوم ستكون الأسئلة طازجة جدا، بمقابلةٍ مباشرةٍ مع السائلين. في القاهرة تقدم لي الشابُ المصري أيمن سعد بعد سماعه نقاشا حول التفاؤل والتشاؤم لدى العرب في منتدى الفكر-7، وصُوِّر لبرنامج «حوار العرب» بقناة العربية ، واقترح أن يجتمع بناتٌ واولادٌ من عدة بلدان عربية ويتقدمون باسئلة أجبت معظمها، ولم يسعفنا الوقتُ، فاقترح شابٌ سعودي من جدة أن تظهر البقية في «اسألوني»، بأول أسبوع بشكل استثنائي، ووافقت، ولو كان لي أن التمس إذنكم لفعلت، ولكنها حصلت بطريقتها العفوية المباشرة مع عقول عربيةٍ شابةٍ اجتمعت في القاهرة لتشكل اتحادا فكريا للشبيبة العربية.
مع الأسئلة:
.. من سيد الطاهر- موريتانيا:
هل التفاؤل هدف أم وسيلة؟
- التفاؤل وسيلة بالأقرب، فهي إعداد نفسي قبل خوض أي معركة من معارك الحياة.
قلتَ إن التفاؤل يحدد طريق حياة، وكذا التشاؤم كيف؟
- أنت ما تريد أن تكون، فالمتفائل يركز على مخارج المشاكل، فيمكنه إيجاد وسيلة للخروج، والمتشائم يستغرق في المشكلة حتى يغرق.. ولا يحاول أن يفتح الأبواب المغلقة مكتفيا أنها مغلقة، فيحدد كل منهما نمط حياته.
هل التفاؤل صفة مكتسبة، أم مخلوقة؟
- رائع وعظيم. لم يثبت بشكل قاطع إن جيناتنا الوراثية هي الوحيدة التي تحدد نوع أمزجتنا، لكن أثبتت الدراسات النفسية التطبيقية أن للإنسان إرادة مستقلة تستطيع أن تقف ضد مزاجه الأصلي، لو كان الإنسانُ يولد بصفةٍ مزاجيةٍ معينة.. فكلما كنت مستقلا بإرادتك وإصرارك بعيدا عن عبودية الطبع تحسنت حياتك.
.. ومن جابر- ليبيا: قلت إن مهند بودية المخترع السعودي الشاب مثال للتفاؤل، لو تشاؤم ماكان سيحدث؟
- رغم عاهتين أصابتاه وهما قطع الساق وضياع البصر، فقد تفاءل، ولو تشاءم لكانت عاهاته .. ثلاث!
أبو العلاء المعري كان متشائما وهاهو من أشهر العرب؟
- صحيح، ولكن كيف كانت حياته هو؟ ألم يكن رهين المحبسين؟! أي أن به عاهة واحدة وهي العمي، ولكنه تشاءم فحبس نفسه بمنزله وأفكاره السوداء، فكانت عاهته الثانية.. عاش ومات بائسا!
كيف يمكن أن أتفاءل؟
- سؤال مهم وشائك. هو أن تعتقد أن لا خيار لك في حياتك إلا التفاؤل، لأن التشاؤم سيثقلك بلا فائدة، والتفاؤل لن يضر ولو لم يحقق فائدة!
.. ومن فدوى من فلسطين: هل يمكن أن نتفاءل والأحوال كلها تقود للتشاؤم؟
- وهل نحاول أن نسبح للشاطي والموج غاضبٌ عال، أم نستسلم للموج؟ كيف تريدنا أن نرى الضوءَ في النفق إن لم يكن أحد قد وضع فيه مصباحا أصلا؟
- يا سلام، تصويرٌ رائع. ولكن الضوءُ يا فدوى يأتي بعد النفق.. ونورُ الشمس وضعه الخالقُ أبديـّاً.
قد نتفاءل ونُصدَم ، لأن التفاؤل ليس سلاحا ولا أداة بذاته، فالمقاومة الفلسطينية تفاءلت وأنظر النتائج؟
- بل أقول لولا المقاومة الفلسطينية فكيف ستكون النتائج.. التفاؤل هو الرؤية رغم الضباب، لم يجعل القضية الفلسطينية رغم كل المآسي والأوجاع حية حتى الآن إلا المقاومة.
.. ومن مريام حنا- سوريا: أعطني مثلا غير مهند السعودي في التفاؤل أصيب بإعاقات دائمة؟
- هيلين كيلر الأمريكية الأسطورة، التي قالت: الذي لا يرى التفاؤل في الحياة فهو لا يرى جمال الحياة الحقيقي، ولا روحها، ولا رحيقها، ولا سرّها الأعظم.. « وكانت عمياء بكماء.. وقصص الناجحين من أمثالهما بالملايين عرباً وأجانب، وأوردتُ في زاويتي «شخصية الأربعاء» أكثر من شخصية محلية ناجحةٍ بذات الظروف..
لماذا التشاؤم أسهل من التفاؤل؟
- لماذا السلبية أهم من الإيجابية؟ لماذا السكونُ أسهل من الحركة؟ لماذا الجبنُ أسهل من الشجاعة؟ لماذا الخوف أسهل من المغامرة؟
إجابة كل هذه الأسئلة هي الجواب.
هل التفاؤل معيار للتقدم؟
- هو باعث وليس معيارا، لأنكِ آمنتِ بأنك تسطيعين أن تحققي ما تعملين من أجله فأنت متفائلة!
.. ومن هشام من المغرب: هل التفاؤل علميٌ أم طوباوي؟
- لا علميٌ ولا طوباويٌ، بل عمليّ.
كيف يمكن أن يُقاس التفاؤلُ والتشاؤم، كأن تقول بأن فلانا أكثر أو أقل تفاؤلا أو تشاؤما من فلان؟
- سؤال داهية وعميق. أعتقد أنهما حبل طيفٍ ممتدِّ، طرفـُه الأول التفاؤل، وطرفه الآخر التشاؤم، ويكون الإنسان بينهما، فكلما ابتعد من منتصف المسافة إلى طرف التشاؤم قرب إلى التفاؤل، والعكس كذلك.. وقد تكون في لحظة في أقصى التفاؤل ولو كنت متشائما، وفي لحظة أخرى النقيض.. ولكن تذكر إنها الإرادة المستقلة، هي أن تجذب الخيط أو ترخيه.
.. وأروى، من مصر: هل مطلوب من العالـَم أن يتفاءل والأزمة المالية ضاربة؟
- أُمـّال يعمل إيه يا أروى.. يـُلـْطـُم؟ إن العالمَ الآن يحاول الخروج من الأزمة، وهذا يعني تفاؤلا، ولقد مرّ العالمُ في كوارثٍ ماليةٍ من قبل، وخرج منها وازدهر..
واحد فلـِّس بالبورصة وباع اللي واره وقدامه، كيف يمكن أن يتفاءل؟
- بألا يكررها مرة أخرى.الدخول للبورصة كان طمَعا، وهنا يتساوى بها المتفائل والمتشائم.
لما انسرقت الباخرة السعودية م القراصنة هل ستتفاءل الشركة صاحبتها أو تتشاءم؟
- ستتخذ الطرق الأكثر أمنا احتياطاً، وستتفائل لأنها ستستمر في إرسال ناقلاتها في عرض البحار.
في أمان الله..