دودتان

سنة النشر : 30/12/1999 الصحيفة : عكاظ

 
هناك شيء في السفر.. قد يحدثوا لك أن تسميه شيئا خارج السفر. إنه ذلك الهامش الذي لا يعد له ولا يحسب ، ولا هو كان في الواقع في الحسبان.. ثمرة مقتطفة من شجرة لم تزرعها حصاد خارج تخوم الحقل لك أن تقول إنها جائزة لم تتقدم لها.. ولم تكن لأحد أساساً أكتب هذا الكلام ، وأنا تحت هذا التأثير ، أكتبه طازجاً. ساخناً.. وأنا في شموله في ضياعه الطاغي ، وفي انعتاقه الواسع وتراني استخدم هذه الكلمة (انعتاق).. ولم استعن بكلمة (حرية).. إن الانعتاق خروج يأتيك كالمنح مثل الكرامات لتسلك من عجينة البرامج المقننة.
 
 والتحركات المحبوسة، والاستقبالات الجامدة والكلام الممطوط والقوالب المنشاة. قلت لصاحبى بعد أن ضاعت علينا الرحلة ، وجاءنا يوم لم يوجد في تقويم سفرنا العملي: الآن لا يعرفنا أحد ولا نعرف أحداً.. الجميع ودعنا وراحوا والطائرة رفعتنا إنه الآن وقت مفترض) فلنعش يوماً بوهيميا. ولننعتق من كل ارتباط.. وتنطلق كيفما كان قال صاحبي: تريدنا أن نفرد أجنحتنا في الفضاء ، كما دوماً تصنع... الطيور.. قلت لا ليس كالطيور، نحن الآن مجرد كرتين. مجرد لا أحد!.. فلنهم على وجوهنا في مسارب المدينة ليس كالطيور إنما مثل الدود.. نحن الآن دودتان وصارا زحفنا في الطرق، والمسارب، ومضايق الحارات ووراء الأضواء ، وتقلصنا في الزحام.. تقلصنا حتى كدنا نضيع من أنفسنا ولم نجد في البحث عنها. لأنه لا جد ولا بحث في هذا الانعتاق الدودي.