«العم إبراهيم» في رحاب الأبدية

سنة النشر : 12/12/1999 الصحيفة : عكاظ

 
تنزلق الكلمات من وعاء الذهن إلى الورق المنبسط لما تكون الفكرة ثمرة زاهية وأرادت التحرر من الشجرة.. ولما تكون العاطفة حاضنة ثم يتولد الاندفاع اللطيف.. مثل تدحرج قطرة الندى من احضان الورقة اليانعة الخضراء عندما تريد الهفوت مع بحوثات النسيم.. عندما تكون العاطفة مائرة مضطربة يقتلعها حزن ياتي كالسهم المارق يشق النسيج العاطفي الهفهاف.. فإن الكلمات تسقط تحت انهمار الدموع.. تذهب الكلمة.. وتلمع الدمعة! وما أنا اكتب عن إبراهيم المطلق الذي إن صدقت مقولة رب أخ لم تلده أمك... فإنه حضر في جناني عهدا بان درب أب لم تلده جدتك.. أبو زوجتي (ولو لم يقدم لي إلا هذه الرفيقة الكريمة لكفاني من عطائه.. وزاد).. وصار لي انا حانيا، حادبا، معلما.. وصديقا، ورفيقاً ملا حياتي مسرة ، ولطفاء وعلما.. أكتب والدمعة تدفع القلم والقلم يدفع الدمعة. ويبقي وجيب هذا القلب... سريعا متتابعة.. وكان الحدث فوق طاقته. بل هو كذلك!
 
إبراهيم المطلق يعانق رحاب الأبدية يعد حياة مليئة وحافلة عاشها طويلة عريضة اقدم فيها جهد. اشخاص لا شخص واحد.. قدمها موظفا صغيرا ، يافعا يخرج مع ابيه من بريدة إلى مكة يتيما منكسرا مع أخويه عبد الله و محمد... ليعمل مع تتابع الأيام ميرفا في الإدارة الملكية مع الملك عبد العزيز يرحمه الله.. ولتأخذه الأيام إلى أقصى الجنوب للبلاد عرض يوما برنامج عن التطور الصحي في تلك المنطقة ، وأشار بيده المعروفة لي قائلا: لا يعرف أحد هدى هذا التطور مثلنا منذ عقود كنا هناك.. تأكلنا الملاريا والتيفوئيد.. ومات بعض رفافي وكدت معهم أموت.. وانظر الآن ونظرت إلى ابتسامة منه عميقة راضية.. ولقد كان أبو عبد العزيز، دائما.. عميقاً.. مؤمنا.. راضيا!! وفي طور الأحداث وثبات الدولة كان الرجل على رأس دائرة الجوازات في المنطقة الشرقية لما كانت تتداخل مع مقتضيات أمن البلاد.. وعمل دؤوبا.. مخلصا.. يدفعه العبدة والولاء والمعرفة الكاشفة..... علمني العم ابراهيم كيف تلتحم الأسرة.. علاقته مع أخويه مثلاً سامقا بالتساند والمحبة والإيثار... الإيثار الكبير... وفي مرضه الأخير كانت حالة أخويه أكبر مدعاة الشفقة من المريض المسجى على فراشه.... ومنم العم ابراهيم لبناته وأولاده المهدية العظمى الأخيرة عندما أتاح الله لهم فرصا علوية لرعايته والسهر بجانبه والبر به وكان برا عظيما لأب عظيم.. عندما يغادرنا من لا تقوى على فراقهم يتركون فضاء لا يسد في حياتنا وفي نفوسنا.. ولا نتصور الحياة بدونهم... ولكنه الله يرسل السلوى وإنه الدين السامق يذكرنا بالدعاء لهم.. فتكون وكاننا معهم.
 
عندما أغلقت عينا العم إبراهيم ذاك الإغلاق الأخير ترك بإذن الله حياة حافلة بالأعمال.. والأبناء.. والخير.. إنه أن شاء الله الغلاق أخير أمام انفتاح لا ينتهي من فيوض ورائية. إنه في رحاب النواب القادر العظيم. وندعو أن يكون حراس الرياض العلوية في انتظار.. ومعه.....
 
أضع قلمي.. ولن أغالب دمعتي!