رجالٌ من كوكب آخر
سنة النشر : 30/11/1999
الصحيفة : عكاظ
يُحكى أنه في زمن ضاف هانيء كان الناس يعيشون في استرخاء ويتنعمون بالسكينة... ويسندون رؤوسهم الخالية من الهموم على الشواطئ الهانئة أو على رمال الكثبان تلفهم النسائم المنعشة. يتأملون في السماء السادرة ، فوقهم النجيمات اللماعة. وهذا القمر الذهبي المدلال متربعاً بالغة في قلب السماء.. وكانت حياتهم تمضي برتابة الأشياء باقية مثل تلك النجوم البارقة في الظلام.. والحوادث ثابتة ومثل القمر الذي يحضر كل مساء.. ولكن جاء يوم يوم لن ينسى أبدا فقد شق السماء صوت كالرعد الهادر أرعب هؤلاء الطيبين حتى كباد الهلع يسلب عقولهم. ثم استوى في الأفق صعت عملاق ببريق سلب العيون من تجاويفها.. ودار محدثاً عاصفة هوجاء وقبط بلمح البصر.. وساد صمت عميق.. مخيف. ثم فتحت بوابة مسثل فك الحيتان وخرج منها رجال رؤوسهم مرفوعة وأوداجهم متوردة ، ويلبسون البشوت السود ، والساعات البراقة وخرج من عيونهم اشعاع غريب.. كأنه يريد أن يلتهم كل شيء.
توجس الناس خيفة وأصابتهم سكتة الفزع والتأمل لخوف من المجهول القادم. توزع الرجال ذوو البشوت السود (مع الاعتذار لفيلم هوليود رجال في البدل السوداء) وأخذوا يذرعون الأرض، ويتحركوز ويحفرون ويبنون وضح الناس. وضع المكان. ولكن تحركت الحياة.. وضاع الركود. ولم تعد الأشياء ثابتة.. صارت الأشجار تثمر أكثر.. وصارت الأحداث متعاقبة شيقة.. وبدأت العقول تعمل ومعها العضلات. تشجع الناس وسألوا هذه الكائنات واختلفوا بينهم فئة قالت كائنات منتجة ، وفئة قالت كائنات جشعة.. وكادوا يقتلون في اختلافهم من أنتم ؟ قالوا: نحن رجال.. من كوكب اسمه أعمال وتمتم الناس رجال كوكب أعمال رجال أعمال!!..
المعذرة على الخيال الساذج ولكن رجال الأعمال... هم نحن.. كل منا يحمل قسطاً من هذه الصفة... وكلنا من أرض واحدة.. بل نسيج واحد.. فلا تعاملهم كانهم من كوكب آخر"