ابن فضلان

سنة النشر : 20/10/1999 الصحيفة : عكاظ

 
علي أن أسجل اعترافاً هنا بأنني من محبي مشاهدة الأفلام ، وأقصد بالذات تلك الأفلام الملحمية التي أبدعتها هوليوود في خمسينيات وستينيات هذا القرن قصة وتقنية، وإخراجاً، ومعرفة تاريخية فائقة ولكن تبقى هذه الأفلام لاوية للحقائق مُعكّرة للصورة عندما تتعرض للشخصية العربية ، وعندما يحدث ذلك وهو يحدث كثيراً- نبدأ بسماع صيحات الاحتجاج العربية ، وهي غالباً صيحات تدوي داخلنا ، وترهق أذاننا وأبصارنا ولا تصل الى معامل انتاج الافلام في معقل صناعة السينما الأول في العالم. ولن أغفل بعض الأصوات والتكتلات العربية داخل الولايات المتحدة والتي حققت بعض الانتصارات الصغيرة. إلا أن عجبي لا حد له بعد أن لاحظت تغيراً نمطياً في أفلام اكبر عن صورة الفرد العربي. مصدر عجبي أن الأصوات التي أدمنت الاحتجاج لم تُرسل إضاءات كاشفة عن هذا التحول. وهو بزعمي تحول كبير ومدهش. ويبدو هذا التحول في أكبر صوره وأبهى حالاته في الفيلم الملحمي الجديد بعنوان « المحارب الثالث عشر وهو قصة متصرفة عن الرحالة العربي ابن فضلان في رحلته الاستكشافية لدول الشمال الأوروبي واصفاً بدائيتهم وإغراقهم في الهمجية والجهل وكان الفيلم يدور حول هذا الرجل العربي الذي وصل الى الأصقاع الباردة ( عند الفايكنج).. وصورود شهما أنيقاً، فارساً صادقاً، متحضر الفكر، نبيل النفس. صادق الإيمان.. علم الفايكنج أن الأصوات ممكن أن تُرسم ( الكتابة).. وساعدهم بعلمه ، وذكائه وتفوقه العقلي على كسب حرب ضد قبيلة من بشر كالوحوش.. مثل دور ابن فضلان الممثل الشاب الصاعد أنتوني بندوراس ذو الأصول الاسبانية.. وكان تقمصه للدور مدهشاً. لقد استغرق في شخصيته العربية وازداد فيها جاذبية...
 
لا بد انه أحب شخصيته.. واحببنا نحن تألقه في الأداء وظهر عمر الشريف كعربي يعرف لغة وعادات أهل الشمال لدقائق معدودة اول الفيلم وانقطع بعد ذلك.. ولكنه تألق كنجم كبير وأدى دورا شامخا قد يكرسه لأهم جائزة سينمائية.. فيلم عظيم... ممثلان عظيمان وصورة عظيمة عن فرد عربي متحضر.. قادم من مدينة راقية.