مَن هنّ؟

سنة النشر : 09/09/1999 الصحيفة : عكاظ

 
.. هناك عيون دوما تبحث عنك.. ومن أجمل لمعات الدنيا العيون لما تبحث.. أو بحث العيون. ومن أمتع الانتشاءات عندما تكون أنت من تبحث عنك هذه العيون وأنها تبحث عنك لا لكي تجدك.. ولكن لتتحرى في داخلك.. في نبضك.. في أحاسيسك.. في مزاجك.. وفي عافيتك.. وتخبي هذه العيون بروفا صغيرة تجد استجاباتها المثيرة في ثنايا فؤادك... وتضع يدك بانطلاقة فطرية على هذا القلب لكي لا يخرج هذا النور وتستقر هذه الإضاءات.. أنك تحبس هذه الطاقة من السعادة لتوزع شحناتها الى امد في دواخلك
 
وصاحباتُ هاته العيون تستمد أنت قوى الكون المخبوءة من ضعفهن الجليل ومن نعومة خصائلهن التي تضع الزهر المرفل بالألوان في طريقك المشحون.. وحذار ان تدوس هذه الوريدات.. إنما هي مغموسة في حواشي الدرب الممتد وراء الأوراك لتنفلق مهجة من هشاشة الجمال وأثيرا شامخاً من العطور.. إنه أريج يضع أمام حقائق الحياة نسيجا ناعما من الألق والأمل والتفاؤل..
 
وصاحبات هاته العيون تراك احسن الخلق إهاباً. وتراك أصبحهم وجها (مهما كان هذا الوجه!) وتراك وكان الحب والشرف وكل مطلق جميل صب في قالبك ليتشكل في هيئتك مهما كانت هذه الهيئة). هل رفعت رأسك يوما ورأيت رفوقاً من الطيور تصبغ السماء بياضا ورفرفة ؟! وكانهن من السابحات في الأجواء.. يغطين عنك نقع الغبار ولتهب في وجهك نسائم متماوجة سائغة تطفئ حرارة الجو.. وضغوطات الحياة... كان صقر الجزيرة وهو يخوض الحروب يهتف باسم احداهن.. وكان نابليون الهمام يصفها بأنها العكازة التي يستند عليها لا لكي يقف.. بل يسير... ويفتح الأمم... من اعظمهن خلودا وفناء في الوفاء المحب الخنساء وطيرت للعالم مع القرون القادمة اعظم شعر في العالم.. وفي التاريخ في من احبته بطاقات تفوق كيانها التبعته دمعاً ومجدا.. وتاريخاً. وهل من مزيد ؟ نعم المزيد.. المزيد؟ فسهن في اجسادهن الضئيلة محيطات من العطاء.. وجزر من الأمان الغافي. وطاقات نور.. تضيء وتطفئ ولا تنفد.. من هن؟ إنهن أخواتنا.. اخواتي.. هل يكفي أن أقول إنني.. أحبكن!!؟