دمعي - لساني
سنة النشر : 03/09/1999
الصحيفة : عكاظ
طوبي للبكائين.. إنهم يحسدون ، لأنهم يخرجون فيوض الامهم.. وحسراتهم.. وعواطفهم المهصورة مع هذه الدمعات الرائعة التي تجري على أديم الوجود.. وكأنها هذه الآلام والحسرات والعذابات ذابت دمعاً. قبل أن تذيب المهج والقلوب والمحسودون الكبار هم أولئك الذين يتحكمون بالطاقة ، الدمعية ويفتحون صماماتها ويقفلونها متى شاؤوا او متى شئن. وهؤلاء شبهوا بالتماسيح ظلماً.. ولا اقصد بتاتا أن الظلم وقع عليهم.. إن هذا الظلم حبط بهتانا على هذه الزواحف لأن علم التشريح ينبننا بأن لا قنوات دمع لديها (وهذا يدعو للبكاء من اجلها.. ولكن من الطائفة الأولى.. البكانون الحقيقيون).. اجمل الدمعات الأواها.. أو اصدقها.. يقولون أن عاشقة كان اسمها عاتكة. وهذه العاشقة الكتوم. تولهت هيسامسا بفتى في جيرتهم. بدون أن تبوح ويزداد هذا الحب ثقلاً. وقتامة.. وعصراً لروحها الفتية يوما بعد يوم وهي تنطق كلمة ولكن تذرف الدمع ولما سألتها نجيتها و محسط اسرارها لم لا تنطقين.. لم لا تفرجين هذا الهم العظيم ؟.. سادات دموعها قائلة: دمعي.. لساني! ولما راح الفتى في حياته.. بكت حتى ماتت ؟ ماتت نفسها مع آخر دمعة وأعظم الدموع تأثيرا.. دموع الشقي ابي نواس الذي دس شعره خلاعة وتهتكا.. ثم كانت دموع الرجاء.. والأمل.. والندم والعودة الى مغفرة الاله الأعظم...
وأفظع الدموع تلك التي ذرها مجنون المانيا الكبير ادولف هتلر عندما تكسرت قواته امام برد وجليد واسوار ومقاومة مدينة « ليننجراد الروسية.. كان يريد فتحاً.. وقتكاً.
وأجمل الدموع.. دمعة أم بعد ولادة جنينها.. دمعة مضمخة بسر الحياة ودمعة عروس تحلم بعش الحياة.. ورأيت دمعة رجل صلد صلب الطباع.. وأبنه يكرس واحداً من أفضل اطباء الجراحة.. لقد كانت دمعة ثقيلة.. راحت تجري بهدو... ويؤلمني..
وأحس جدا بمعاناة الشاعر بن زهر الاشبيلي وهو يقول:
عميت عيني من طول البكا
وبكي بعضي على بعضي معي