الأدب المهجري الحضرمي (2-4)

سنة النشر : 29/08/1999 الصحيفة : عكاظ

 
.. وإذا كانت الهجرة الشامية إلى الأمريكتين بالذات حملت الافا من الأفواج هربا من نير الحكم التركي ، وسعياً إلى حياة جديدة طلباً للحرية والغنى والحياة الرغدة فكذلك أيضا الهجرة الحضرمية إلى جنوب شرق آسيا تاركين خلفهم منابت أصولهم في الأرض الجديبة والبيئة الفقيرة تزفهم آمال التجارة والثراء. والهجرة الشامية بزغت بأضوائها لتشتهر في أرجاء العالم العربي ملقية ظلالا كثيفا على أولئك الجنوبيين الأقل إظهاراً للذات وإن كانوا لا يقلون دهاء، ومعرفة، ومغامرة بأي حال.
 
لذا فإن البحث والتنقيب حول هذا المهجر ليس سهلا ، وتناولاته لیست متوافرة. وأما إصراري على معرفة فيما إذا كانت هناك نشاطات أدبية في المهجر الحضرمي... ليقيني أنه لابد أن يكون ، فكل جالية تحمل معها أرومتها ، وطبيعتها ، وطبائعها.. وثقافتها.. أي أنه من الطبيعي أن يكون هناك أدب مهجري حضرمي وما كنت اقرؤه منقطعا ومتناثرا عن الأدباء الحضارم والذين ذاع لهم صيت في الدوائر الأدبية العربية بالذات في مصر في ثلاثينيات هذا القرن... فكان لابد من البحث.. وإن كان بحث يقل فيه الجهد والمشابرة.. ولكنه شق نور في مكان حالك يدلك أن مصدراً له في الخارج تخرج منه هذه الاشعاعات. إنني لن أشكك في نفسي بان الهجرة الحضرمية معروفة- إنما أدب هذه الهجرة مجهول- وإن من يعرفه هم قلة.
 
وعندما تعود إلى مراجع التاريخ مثل كتاب الخطط للمقريزي ، ومحاضرات ومقالات المهتمين بالهجرة الحضرمية مثل المؤرخ الاندونيسي ابراهيم ، وتجد كثيراً من هذه المعلومات في كتب ودراسات المستشرقين الهولنديين..... تجد أن الهجرة الأولي بدأت حينما هاجر علويون من العهد العباسي طلباً للأمان في جنوب الجزيرة العربية. ثم امتدوا وانتشروا ورحلوا إلى بلاد الهند والصين والملايو واندونيسيا والفلبين. وقيل حتى کمبوديا وسيام.. وآثارهم تدل عليهم.. ولنستمر في المتابعة.
 
( يتبع الحلقة الثالثة)