من أجلنا تشرق الشمس (4)

سنة النشر : 20/08/1999 الصحيفة : عكاظ

 
... إنني أعلن استغرابي الكامل مشفوعاً بكل الاحتجاجات تابعت الفتاة.. إن الهوس بالعمل لمجرد العمل أمر يدعوني للضحك.. هؤلاء حفنة من المجانين.. اننا نعترف يا صديقي.. واستدركت قائلة لهذا المستمع المثالي هل لي أن أدعوك صديقي؟. هز راسه موافقاً، لتكمل الفتاة علينا أن نعترف بأننا نعمل لنعيش لا العكس.
 
وهذا الأمر يزيل الهالة حول مفهوم العمل.. لأنه مجرد وسيلة لكي نستمر في الحياة.. إن هذا صحيح.. وإنه الواقع بكل حيويته وبكل عريه.. هل تحب أدب اوسكار وايلد؟ إنه يقول لا أحد يقبلها عارية- أي الحقيقة لعلك تريد أن استخدم صفة «تجرد» عوضا عن عري.. لا باس! أمسحها.. وإذا كان هذا واقعاً، وأن لا قدسية للعمل.. وأن لا معنى له في الأساس إن لم يكن هدفه الصمود والبقاء في هذه الحياة ؟ فلماذا نعمي عيوننا بأبخرة الادعاء والنفاق الهدف أن أعيش.. وليس كيف؟ لا تقل إنني انتقل الآن للإدعاء الميكافيللي؟ تلك سياسة.. وهؤلاء الكائنات السياسية يملكون خيارات مفتوحة.. إن اختاروا خياراً شريراً فهم اشرار.. ولكننا نحن العاديون الذين نجري وتلهث كي نعيش يوماً.. بل حتى ساعة ولا تفرش أمامنا..الخيارات.. إنه ذلك السوط الأغريقي.. يا صديقي.. السوط الاغريقي الأبدي.. إنك تجري ( عفوك وإننا نجري نحن العاديون.. والسوط لا يكف عن فرقعته المدوية على ظهورنا.. ولا نكف نحن باستمرار مثبط عن الجري.. والجري.. إننا نستطيع.. لا نملك متنفساً للخيار.. كل ما تأمله ما تحلم به الابتعاد لعل الفرقعة اللاذعة لا تصيبك هذه المرة ( عفوك مرة أخرى. لا تصيبنا.. وفي داخله الآن اضطرابات متعاكسة..... يود ان يقول سؤالاً ، أن يطلب تفسيراً.. وخجل احراجها أو إحراج نفسه إلا انه نفت السؤال: هل لي أن أعرف ما هي مهنتك؟