من أجلنا تشرق الشمس (1)
سنة النشر : 13/08/1999
الصحيفة : عكاظ
إنها فعلا تصاريف الحياة تلك التي تبني وقائع حياتنا وتجر خطانا الى طرقات تم نردها قط.. طرقات مليئة بالحفر تكمن فيها برك الطين، وعثرات الأمل... طرق تعصف بأعمالنا وتوقظ مواجعنا وتعصر قلوبنا.. والأشد اسي انها تكبل عقولنا.. عندها تضيع من أمامنا وسائل الهداية وعلامات الإرشاد وتغيب وراء الأفق الحالك المنارات التي تضيء للسفن التائهة في غضب المحيطات.
هذا ما كتبته وراءها وخلفته على المقعد الخالي في تلك الحديقة التي تعرت اشجارها، والخريف في ذروة عصفه لأوراقها التي كانت ندية براقة تتراقص بخضرة الحياة.. فقد شاهدها كثيرا وهي مكبة على الكتابة. وعجب كثيرا.. فقد كانت صبية في اشراقة العمر ولم تنجح رياح الخريف في اخفاء شعرها الطويل الذي كانت أطرافه تعرف مع صفير الريح أصداء رائعة تناغم الجمال. كانت تتمتع بذلك الحسن الهادئ الذي لا يصدمك ولا يهيج حواسك.. كان مثل جداول الحقول الغافية التي تضع اناملك في مياهها لتجري في عروقك خدر الروعة، ولذة التأمل اللطيف الذي يرفعك عاليا الى ذرى الانعتاق من مزعجات الدنيا.. لقد كانت في جلستها وتأملها.. وألمها.. قيثارة رقيقة من الحزن الشفاف. تناغمت مع الجو الخريفي في تلك الحديقة...