منجم النجاح
سنة النشر : 28/07/1999
الصحيفة : عكاظ
النجاح معنى يحمل اتفاقاً بين جماعات الناس في معناه وفي دلائله اكثر جلاء من معان مطلقة اخرى كالسعادة مثلاً.. وعليه يكون تعريف النجاح أكثر تحديداً.
وفي رأيي ان هذا فيه نوع من التضليل.. أو من تلك التي نسميها الاشارات الخاطئة في الطريق الذي نحسبه واضحاً. وإلا ما معنى ان نرى كثيراً ممن نسميهم تعريفاً ، وتحديداً، واتفاقا ناجحين يسقطون في ممرات متعرجة من السلوك النفسي المتعثر والتي تنتهي بعضها في انهيارات نفسية كاملة ؟ لا يكفي أن يراك الناس ناجحاً ؛ لابد ان يكون داخل المرء ذلك الاحساس الكامن المضيء الذي يعطيه السكينة الداخلية والاحساس اللدني من الداخل بأنه ناجح بالفعل بمقاييسه وانه فعلا سعید امام نفسه وفخور بذاته. الشعور الامثل بالنجاح الفردي هو ان نحس فعلاً بأننا انجزنا نجاحاً لاننا نواجه متطلبات الحياة باقتدار ، واننا نضفي جودة ونوعية متميزة لوسائل هذه الحياة..
وإنها مليئة بالفرح والضحكات والقدرة اللذيذة على ان نهب الحب.. وان يصل الينا حب الآخرين. وتتوج هذه الحياة بالحكمة التي ترفد التوازن في تصرفاتنا وفي متطلباتنا ورغباتنا وعلاقاتنا مع الناس عموماً.. تؤطرها سكينة ايمانية واعتقادات بالغة الثبات والرسوخ.
وعندما تركز على ذواتنا في قضية النجاح سنعثر على قيمة غالية كالجوهرة النادرة ولو نقب كل منا في منجمه الداخلي فهو لابد عاثر على جوهرته.. أنها تميزه الخاص. اقصد بالتميز الخاص هو ان الله حبا كلا منا هبة خاصة تلك التي تأتي معنا مع خلقنا الأول... انها ما نسميه ( الموهبة واني ممن يجزمون ان كلا منا منح هبة متميزة.. أكثرنا نجاحاً هو من يهتدي اليها ، وينميها ويصقلها.. لتكون مبرقة شارقة تضفي على الدنيا جمالاً وترفاً... الاقل نجاحاً هم اولئك الذين لم يجدوا في التنقيب داخل دهاليز مناجمهم الذاتية.. وبقيت مواهبهم دفينة مثل الجوهرة الغارقة في ظلام المناجم يغمرها التراب والطين.