الذكاءُ العاطفي

سنة النشر : 25/07/1999 الصحيفة : عكاظ

 
هذا الكتاب الذي طال انتظاره على رف مكتبتي يوم تصفحته فجأة.. أمضيت بقية اليوم في قراءته... إنه من الكتب الممتعة أسلوبا والغنية بالفائدة والمعلومات ، وإن كان موضوع الكتاب هو عن « الذكاء العاطفي- واسمح لنفسي أن اسميه الذكاء الاجتماعي. وهذا الموضوع ليس جديدا علينا ولا طارنا نتحدث عنه كل يوم ونلاحظه في أكثر من مناسبة. وللمؤلف ( دانيال جولمان) إسم ذائع في بحوث الذكاء البشري عموما.
 
يفتح الكتاب حواسنا ويعيد الى أذهاننا السؤال الكبير: لماذا لا يوفق بعض الناس اصحاب المعدل الذكائي المرتفع في النشاط الاجتماعي والعملي مثل اولئك أصحاب المعدلات العادية ؟ ولكل منا- بزعمنا- أمثلة شاهدة في الحياة المحيطة, اعرف انا احد الاشخاص يتمتع بدماغ فائق الذكاء حصد كل الدرجات العلمية. والمستويات الاكاديمية المرموقة، وتخرج بأوسع درجات الشرف بريقا.. ولكنه لإخفاقه في الاتصال مع الناس.. كاد ينتهي وحيدا معزولا ولم يسجل نجاحا يذكر في حياته العملية.. نجاح مبهر في الاكاديميا وإخفاق "مر" في الحياة!
 
 ونعرف كثيرا من الناس الناجحين في اعمالهم. و في وظائفهم ، وفي مجمل حياتهم الاجتماعية وبعضهم ترن أسماؤهم مثل رنين الكريستال الصافي حرموا حياة مدرسية عادية جدا.. ولأنهم عرفوا كيف يتناغمون مع الناس حلقوا عاليا في سماء الأعمال والحياة.. هذا بالضبط ما يقوله السيد ( جولمان) هذه الإداءات المختلفة في الحياة المفتوحة معولة بشكل رئيس على مستويات الذكاء العاطفي ولا ادري لماذا أصر على أن وصف الذكاء الاجتماعي ، اكثر توفيقا.. هل هذا ايضا قلة ذكاء مني ؟! الذكاء الاكاديمي لا يعد المرء لتحديات الحياة الواقعية.
 
وحيث أن المقام لا يسع هنا فزبدة الفائدة هي بأن الناجحين في الحياة هم الذين يدخلون في النسيج الاجتماعي بكل معتقداته ومبادئه وسلوكياته وأعرافه ، هم الذين يضبطون اشاعيرهم هم الذين يتعاملون بإيجابية وتفهم لشعور الآخرين. وإن أول الاخفاقات في الحياة الاجتماعية الحرص على تنبيه: الآخرين بأنك مختلف عنهم.... من يعمل ذلك بدون أن يريد عزل نفسه في جزيرة نائية عن المحيط البشري.. مهما امتلات بالخيرات.. الا انه سجين بها.. معزول.. وحيد!