من أختار؟ (1)

سنة النشر : 06/10/1998 الصحيفة : عكاظ

 
إنني من مدمني كتب الحكم التي تؤلفها او ألفتها فئة عبقرية من البشر مستهم الحكمة بصولجانها السحري من السماء.. ولطالما انصبت كتب الحكمة على الإيماء والنصح المبطن والاشارات المموهة لاصلاح السلاطين والولاة والقائمين على أمور الناس.. إنما الذي يسطع إلهاماً تلك الأمثال التي تمس حقيقة العواطف البشرية في منابعها الأولى لتختلط مع روافد الحكمة والتبصر والتكشف النوراني للخير والقرار العاقل.. ولن امل إدماناً لذيذاً من قراءة الكتاب المعتق مرزبان نامه کتاب الحكمة الفارسية التي تهذبت اسلامياً.. كاتبها مرزبان بن شروين.. أخو الملك « أنوشروان... وتلفتني هذه الحكاية التي اختصرها على أمل الا تخل بروعة تجلياتها.. وضياء حكمتها.. وجلال الحب والمحبة فيها.. سجن ملك ثلاثة من الناس ليتم قتلهم، فجاءت زوجة احدهم وهي ام الشخص الثاني واخت الثالث، وتظلمت للملك وخيرت في انقاذ واحد منهم فقط، رأت زوجها فذكرت ما جرى بينهما من لذيذ العيش وطيب الاوقات والقرب النفسي فهمت في طلبه...
 
إلا أن نظرها وقع على ابنها فرأت صباحة وجهه وتذكرت تربيتها إياه وحمله شهوراً في لحمها ودمها.. وارضاعه.. ومناغاته، فهلع قلبها وتعطفت عليه تقصد أخذه. ثم إنه وقع بصرها على أخيها فرأته ودموعه تتساقط لانه متيقن بأنها لا تعدل عن زوجها ولن تبدل في ابنها.. ففكرت طويلا. ترى من اختارت المرأة من الثلاثة.. ولماذا ؟.. هلاً انتظرت وتابعت معي في حلقة الغد.. آمل ذلك..