الطاقة الكامنة
سنة النشر : 26/09/1998
الصحيفة : عكاظ
.. رأيته ثابتا وبملامحه الواضحة وببشرته المتوردة.. كما عهدته دائما.. إن تغير شيء فيه فهو ضيق انفراج البسمة الواسعة التي كنا نحسبها أن الله خلقها معه.. أو ربما هذاما بدا لي لان الموقف يتطلب حزنا.. حزنا عميقا حزنا أسرا.
كان الموقف عزاء.. وعجبت.. وأعجبت بصلابة الرجل الذي وقف حرفيا سامقا على ثلال الاحزان والوجع والألم.. لقد شد الحاضرين خروج الرجل من أصفاد الأسى وثقل الخسارة التي لا تعوض وثباته الذي فاق الطاقة الإنسانية على الصبر.. وعلى التجلد. وعلى مقاومة الضني الموجع كالموج المتعاظم الذي يضرب ساحل الوجدان ولا ينتهي.. لقد شدّهم ذلك الثبات الشامخ الجليل، حتى كادوا ينسون العزاء ذاته.. ذلك الرجل فقد ابنه الوحيدا.. قلت طاقة فوق قدرة الإنسان أو هكذا خيل لنا.. الحقيقة الشاهقة اننا زودنا بطاقات كامنة.. طاقات احتياطية.. تضاعف انطلاقة خطواتنا عند الخوف وتُطلق موجات التحمل عندما تفترسنا الآلام. وتمنحنا سوائد الصبر عندما ترسينا ظروف الحياة الى القاع السحيق.
لن أنسي في حياتي.. سعادة تلك الأم ينهشها المرض الخبيث وينتزع روحها انتزاعا.. وهي تقبل وجنة طفلتها.. القبلة الأخيرة!