أُريد ذاكرتي
سنة النشر : 12/09/1998
الصحيفة : عكاظ
طافت بمخيلتى استدعاءات الماضي الأول. وبواكير الايام السادرة. وبوضوح ساطع تداعت أحداث الطفولة ومناسبات الصبا. والغريب انها جاءت كاملة مع بيئتها ومشاعرها.. اتذكر كيف كنا نمشي صغار الى ساحل البحر القريب من ضاحيتنا الصغيرة.. وأشعر كانها طازجة تجرى الان ماهو نسيم البحر يدور حول بشرة وجوهنا.. وبزرقة البحر المترامي ، وبذات اللهفة لرمى اجسادنا في مياهه الصافية.. لقد كانت رمال الشاطيء بلون السحب المتناتفة في السماء المفتوحة بلا نهاية. كانت فى ضاحيتنا شجرة ياسمين وحيدة على مدخل منزل طبيب سورى مازالت رائحة الزديرات البيضاء تضوع في أعماق الذاكرة الهذه الذاكرة. معجزة الاله السنية.. مازلت حتى الان اشم صفحات كتب الروايات الكلاسيكية التي قرأتها في صباحات العمر... يمثل الان امامي جان فالجان في ملحمة هو جو البؤساء وكل مغامرات أرسين لوبين... وحي بن يقظان وخيالات وضبابية الف ليلة مع توهج المراهقة وفوراتها الدماغية.. ومازالت أنا كارنينا لتولستوى من الشخصيات البازغة في الذاكرة.. انني انوب حسرة حتى الآن لكتاب نادر مزخرف و موشی بالرسومات الفارسية لرباعيات الخيام.. وضعها بالعربية عراقي مغمور من أبدع ما تقرأ في الشعر... مجرد ان اطبق عينى يمثل في داخلي الكتاب برونقه وبفارسيته الطاغية وبإحساسات الخيام الدافقة.. فقد الكتاب!
لم اتوقف عن القراءة قط.. ولا أظن باستطاعتي التخلي عن هذا الادمان العتيق الراقي.. ولكنها الذاكرة التي توقفت عن نشاطات الحفظ الواسعة.. ولم تعد تبقى من بعد قراءة كتاب الا لمعانه وأثاره التي تعطى اشكالا بعيدة ولا ترسم تشخيصا مفصلا كما كانت.. كما كانت يونغ تشانغ كاتبة صينية بموهبة تعبيرية فائقة دشدت دراما التاريخ الصيني من بدايات القرن فى حياة ثلاث نساء لثلاثة اجيال متعاقبة.. تركت تشانغ في متعة ذهنية واثراء فكريا.. ولكني أواجه صعوبة في استرجاع الاحداث الرواية الملحقة هي بجعات برية... الحمد لله.. لقد تذكرت العنوان اريد ذاكرتي