هذه قصة تحكي أن الصفات البشرية المنيرة من المجرب تنتقل عدواما العبقة إلى أعتى النفوس صلفاً.. وأشد القلوب غلظة ، يحكيها مهندس مصري في تجربة مرت له في حياته الباكرة رسخت في ذاكرته ، وبعاطفتها المؤثرة حتى كأنها جزء منها.. يقول: كنت وقتها مهندساً مبتدئا وعينت في موقع حجري خارج المدينة ومعي فريق العمل ، وهم من العمال القساة المتيني البنيان الغليظي الطباع.. ولطالما تملكني الهلع والخوف عندما يتحول زئيرهم وخوارهم إلى مماحكات يدوية أثناء تنقلنا بالحافلة العتيقة من والى موقع العمل.
وكم من مرة كادت الحافلة أن تميد من مزاح هؤلاء العمالقة. ذات يوم قابلنا كهل يحمل باقة من الأزهار وطلب منا إيصاله إلى محتلة قرب مأوى للعجزة.. أوصلناه.. ثم تكرر ذلك بشكل يومي.
والعم مرعي اعطيناه نحن الاسم لأنه فقط يكتفي بالابتسام ويحجم عن الكلام.. عندما يعود معنا العم مرعي كل مرة يكون دائما بدون باقة الورد.. كأنه أودعها لحبيب.. مع الوقت لانت نفوس عمال المقالع الحادي المراس مع العم مرعي ليبادلوه الضحكات الهادئة.
وفي أحد الأيام رجع «العم مرعي» ومعه باقة زهوره هذه المرة ولقد تكسر وجهه بكل حزن الدنيا.. أدركت أن الحبيب قد مات دمعت عيناي.. أما بقية العمال الذين كنت أظنهم اجلافاً جميعا أطرقوا رؤوسهم.. وساد صمت حزين جليل.
"من يرى إلهامًا في أي شيء، فإنه يملكه" محبكم: نجيب