اللمعات الإنسانية
سنة النشر : 02/09/1998
الصحيفة : عكاظ
هذه قصة حقيقية... مقتبسة ومعدلة.. المهم أنها من اللمعات الإنسانية التي توطن ادميتنا.. وتحلق فيها بشريتنا... يتذكر الطبيب المقيم في هذا المستشفى الكبير الضاج هذا الرجل العجوز منذ إحضاره.. منذ يومه الأول.. وكان هو أول من قام على فحصه.. يتذكر كم كانت وظائفه الحيوية، متراجعة.. وقواد العامة خائرة.. واحتقان شديد في الرئتين.. وكان المريض العجوز يتحدث باتصال مع زواره واهله بامنيته بأن يموت في يوم جمعة.. وأن هذا يوم مبارك.. وأنه استهلال وعلامة بشرى للرحلة النهائية.. والملتفون حوله يحاولون إبعاد فكرة الموت من خاطره ويدعون له بطول البقاء.. إلا أن المريض العجوز كان ذاهنا، غائبا في حاضر لا يعلمونه وتستمر تمستمته وكانه مفصول عن الواقع في أقصي رغباته بأن يجعل الله تسليم روحه في يوم جمعة.. ومن حوله يجففون الدمع.. ويحاولون دعمه بروح التفاؤل... يبدو أن الشيخ كان كل ما يريده التفاؤل.. التفاؤل فيما يراد خيرا خالدا ونعيما أزليا.. كان يريددأ رحلة انتقال الى العالم الأوسع، ومن محطة التفاؤل ، من يوم مبارك.. يوم جمعة.. كان هذا تفاؤله العظيم.
في وسط الاسبوع عاد الطبيب المقيم مريضه الشيخ.. وادرك ان الأجل قريب.. وعينا الشيخ مازالتا تتوسلان الموت يوم جمعة بدمع متون.. بعد أن وقع اللسان ، ومضت برأس المقيم بارقة.. أحضر مسجلاً واداره على آذان وخطبة يوم جمعة.. اغلق الشيخ عينيه.. ولاحظ الطبيب الانسان انفراج بسمة على الوجه المغادر.