لأننا بشر

سنة النشر : 29/08/1998 الصحيفة : عكاظ

 
إن الحياة الإنسانية ومضات.. تبرق نوراً سريعاً يُداعب أوتار النفوس المنهكة. المجبولة من طين اللهاث اليومي. ومسورة بصما النصب الذي لا يني وبطلقات القلق الذي لا يكل.. هذه الومضات... إشراقات لماحة لا تنال حيزا من الزمن الا يسيراً. ولكنها تبقى زاداً يضيء أنفسنا متى أطتها الظلمات.. ويغمس خبز الأمل متى ضربنا سغب المعاناة... ويذكرنا دوماً أن هناك زهرة عفنة وراء المفازة الجرداء.. وأن وراء الساعات المحيط المالح جزائر السعادة.. وشلالات مياه مرحة تبرق كالألماس مع خيوط الضياء.....ولأننا بشر ، فإننا الروح المكرمة في داخل كل منا... باطيا بها.. ونبل احساساتها.. لذا لظروف إلهامية تواتينا لحظات التجرد من غرائز الهيولى ، وإلحاحات الشره المادي... احظات الكشف الجوهري هذه التي تنشلنا من إسارات الهيولى والمادة إلى سوامقنا الروحية.. وإلى خوفنا على بعضنا زملاء الإنسانية وأخوة الروح التي كرسها الإله اعجازاً ابديا...
 
ولأننا بشر.. فنحن سوائح الكون وارقى معارج الخلق الأرضي وإنه- رغما عنا مهما ، وأين ومن كنا في لحظات خارج الزمان، وتنائياً عن المكان تلمع وضاءة ومشرقة فيوض الخير مصفى من سحيق أعماقنا.. في موقف ما.. في كلمة ما.. في تجربة ما! وفي زمان لا يدات.. لن نعدم أن نمارس ضياء بشريتنا... ولن نفقد آخرين نشاركهم طقوس إنسانيتنا.. ونغرف من عين لا تغيض.. ومن منجم لا ينفد.. و من انفساحات لا تنتهي ، تثرى فيه ذواتنا بالسناء الجلي وتنعم به كينونتنا بالعطاء الخلاق.. وتترعُ عقولنا وطباعنا بالاكتفاء النفسي لتركن ولو في قطعة زمانية مسروقة إلى ركن من فراديس التسامي. لتعلن تحللنا من رسوف تفرضها علينا مجريات الحياة.. وجاءت هذه الزاوية الخجول ، عسى أن تكون اطلالة الأنوارنا الداخلية.. وأمزجتنا السائغة... ولنتذكر دائماً أن ما نتذوقه من جمال.. ومانر شفه من خير دو لأننا أكرمنا بإنسانيتنا.. لأننا بشر!