لست كاتب مناسبات وزوجتي رقيب أول

سنة النشر : 12/10/1997 الصحيفة : عكاظ

 
معتز القويعي (الدمام)
 
الحوار مع الكاتب المعروف نجيب الزامل يمكن وصفه بانه فوع من البوح غير المباشر. فاذا كان هذا الحوار مرتبطا بالوجود في مكتبته الخاصة وبين اصدقائه الكتب كان رحلة ممتعة في عالم من الافكار والرؤى والطروحات ستبدأ.
 
امام مجموعة العربي التي كانت رمزا للمثقفين في الخمسينات والستينات الميلادية وقف ابو يوسف وبعد أن اشار اليها قال: هذه المجموعة تحتوي العديد من الكتابات المتميزة لرموز ثقافية عربية امثال الدكتور أحمد زكي يماني و احمد بهاء الدين ومجموعة اخرى كانت ممثلة لدستور ثقافة نخبوية.
 
وهنا في العدد الأول تلاحظ أحمد تيمور والعقاد وغيرهم من الرموز العربية الثقافية التي كتبت في هذا المساندد الأول عام ١٩٥٨ م ويعني قبل أن تولد انت او بالاصح قبل أن أظهر أنا على وجه الأرض.
 
قاطعته: هذه المجموعة بالذات منذ متى اقتنتها هذه الخزينة الصغيرة.. ومن أين هي للك؟
 
أهدى فيها الدكتور سليمان العودة عميد كلية الطب بجامعة الملك فيصل سابقا.
 
ماذا تمثل لك هذه الهدية والكتب؟
 
كما يقال خير الهدايا الكتاب كما أن قيمة الكتب تجسد القيمة المعنوية التعريفية لصاحب الاهداء وكذلك تمثل مدى مكانة المهدي اليه لدى شخص المهدى. اشرت إلى موسوعة ثقافية شاملة وقلت: ماذا عن هذه ؟...:
 
هذه موسوعة للاطفال وكما... ترى وضعتها بين يدي اولادي في هذه الخزانة ولم اضعها في مكتبتي الخاصة لانه لا يوجد تلفزيون في البيت سوى هذا الذي جاءني هدية ووضعته في المكتبة.
 
قلت مستغربا ألا يوجد تلفزيون في البيت ؟
 
هذه فلسفة والدتي. وزوجتي ولم اكن مقتنعا بها إلى وقت قريب عندما لاحظت اقبال اولادي على القراءة الحرة بشكل يومي وهذا ما شجعني على أهدائهم الكتب بين الحين والآخر إلى أن شكل الأمر حقيقة اقتنعت بها مؤخرا وقد وفرت لي تلك الفلسفة الوقت الكافي للقراءة والاطلاع والكتابة ايضا اضافة الى الحوار المعرض الذي يدور بشكل مستمر مع اولادي في معظم اوقات اجتماعنا المنزلي.
 
تبادل معرفي في أي مجال. وهل لي بمثال قريب؟.
 
نتحدث دائما عن ثقافة الشعوب أو الجغرافيا او اوزان ر وقد يمكننا الوقت من المناقشة حول مواضيع سياسية، عالمية على الرغم من أن أكبر أولادي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره.. وعلى سبيل المثال وقبل. أن تأتيني كنا نناقش بعض التصرفات العالمية مثل الكاثوليك وصراع البروتستانت وواقع مارتن لوثر.
 
وقد أثار ابني أحمد موضوعا غاية في الاهمية حيث قال هل صحيح يا ابي اننا لا نرى الجن بالعين المجردة لانهم بعد رابع؟
 
وقد أوضحت له ان البعد الرابع نظرية لا لانشتاين وليس لها علاقة بالجن. فقد شرح هذا العالم نظريته.. من منظوره وفكرته عن علاقة الزمن بالحركة بالنسبة للجسم الثابت والجسم المتحرك.
 
لو عدنا لموضوع التلفزيون البسيت الم يكن وجوده ممثلا لوسيلة تثقيفية اضافية على ما يقرأه في الابناء ؟
 
فلسفة الأهل التي عارضتها زمنا اصبحت حقيقة إيجابية ومفيدة وهي الطريقة المثلى لدفع الابناء للقراءة والاطلاع الحر.
 
وخلف مكتبته الخاصة ونحن نواصل الحديث عن إشكالية الشاشة وعندما وقعت عيني على التلفزيون والهدية. قلت له: وهذا التلفزيون الا يتهافت علية الابناء حيث أنه الوحيد في هذا البيت...
 
هذا التلفزيون لا توجد به اية توصيلة غير انني خصصته المشاهدة افلام الفيديو والتي تراها اسفله والغريب في الامر ان اغلب الشرائط التي تدخل هذا البيت والى هذه المكتبة بالذات عن طريقي تدخل بطريقة التهريب عندما تنفذ بعض الإشرطة من الرقابة حيث الرقيب الاول زوجتي والثاني والدتي وكثيرا ما قبض علي متلبساً بتهريب بعض الافلام الترفيهية التي ارغب في مشاهدتها شخصيا.
 
ماذا عن ذكر الانسان. هل تغير هو الآخر ضمن منطوقة المتغيرات الراهنة؟
 
بكل تأكيد وللتوضيح فنحن نتساءل: لماذا كان نيوتن مفكرا و فيلسوفا عظيما ولماذا كان الفارابي كذلك ؟ او ابن سينا وغيرهم من العباقرة لماذا ؟ لأن عامل الوقت لدى هؤلاء العلماء كان متوفرا بالدرجة التي اتاحت لهم الفرصة للتفكير والتأمل والتحليل والاستنتاج والوصول الى حقائق باتت من الأسس القوية التي تقوم عليها هذه التقنية العالية اليوم.
 
هل تتصور ان تلك المتغيرات تتجه في طريقها فكريا نحو الملهيات؟
 
نحن نتحدث عن اللهو العام.. فمثلا في عهد ابي نواس.. كان هناك لهو عام وكذلك ابن حزم.. وعمرو بن ربيعة وغيرهم من المقذعين في اللهو والادب الفارسي عمر الخيام. فقد كانت ملهيات تمس الشعور الإنساني والوجدان البشري حتى ولو كانت لهوا.. والآن توعية ذلك اللهو قد تغيرت في اتجاهاتها وطرق تطبيقها وماهيتها فتجد ملهيات هذه الأيام لا تمس سوى الاجساد المنفصلة عن الشعور.
 
في ظل هذا الواقع المبعثر للوقت لهوا.. لماذا لا تحاول تعليم اولادنا وتوجيههم كيفية التعامل مع الملهيات كالفضائيات مثلاء بدلا من ان نمنعهم بشكل مطلق عن المشاهدة ان أننا لا نستطيع منعهم مهما حاولنا ؟
 
لا شك في أن التحكم مطلوب ولكنك في ظل هذا الواقع الذي يشبه السلاح ذو الحدين فإنك لا تستطيع مهما كلفت نفسك ان تتحكم فيما يشاهده اولادك ولا بد من أن تتسرب بعض الامور والتي من شأنها أن تخلق التناقض بين افكارهم حتى لو لم يظهر ذلك التناقض بشكل واضح على سلوكياتهم ؟
 
هل وجدت هذه الفلسفة ضمن كتب مكتبتك؟
 
بطبيعة الحال يستفيد الانسان من قراءاته. وسأضرب لك مثالا علميا. فلو نظرنا إلى أكثر المركبات الكيميائية شيوعا واستخداما في الطب كتركيب دوائي وهو الكورتيزون لوجدنا ان مضاعفاته الجانبية خطيرة جدا فقد اثبت الطب الحديث بأبحاث انه يسبب الشلل ووهن العظام وازدحام الماء في الجسم والسكري والضغط واختلال اتزان البشرة وغيرها الكثير من الأمراض وعليه فانه اذا دخل الشيء الى واقعك فلن يمكنك وقتك أو جهدك من التحكم أو سيطرة على نتائجه السلبية بشكل مطلق وكامل.. فلم يكن لذلك العقار الطبي عندما ركبه واستحضره الدوائيون والباحثون أن يضر الانسان بهذا الشكل الذي اتضح الآن.. وامثلة أخرى على ذلك.. المصانع السيارات التقنية الحديثة.. لم تمثل لدى مخترعها سوى خدمة الانسان وتطور مدينته ومحاولة الوصول إلى اكبر قدر مكن من مساعدته وخدمته ورفاهيته ، لكن حقيقة أمرها انها أصبحت الآن وباء على الطبيعة النقية وعدوا لصحة الانسان وجماليات حياته.. فهذه عوادمها تثقب طبقة الاوزون التي تحمي الانسان من بعض انواع او درجات الاشعة الكونية.. كل تلك الامثلة يا صديقي تعود بنا الى محك وبداية الحديث وجواب سؤالك فانت ان فرضت شيئا في واقعك وواقع حياتك فلن تستطيع بعد ذلك التحكم به وتجنب سلبياته اذا لم يدرس تطبيقه بشكل دقيق من الاساس وقبل ان يفرض.. هو نفسه على واقعك..!! أليس كذلك؟
 
اثناء الحوار.. ونحن نتجول بين كتب متحدثين عن محاربة ضياع الوقت بالقراءة واقتناء الكتب والاطلاع الحر. تدخل بين مسرات الحديث "نجل النجيب".. الاوسط احمد فسالته شريطة أن يجيب بكل صراحة وبدون تلميع لنفسه أو لأبيه أو مجاملة أحمد.. عندما تقرأ كتابا معينا عندما تريد قراءة كتاب ما.. فهل تهـــــمــل مـشـورة أبيك أو امك واستئذانهما في قراءة ذلك الكتاب؟ أم انك ترجع عملية الاختيار إلى شخصك فقط؟
 
طبعا.. اعرض الكتاب على أبي أولا!!
 
هل سبق وأن قرأت شيئا من كليلة ودمنه هذه ؟ نعم.
 
ما رايك في ان يتحدث الحيوان ويحاور الحيوانات ؟ فهل من المنطق والمعقول أن يتحدث الحيوان؟ هل يعجبك ذلك ؟ وهل تصدقه؟
 
طبعا لا.. لكني اخذ الفائدة من قصص وحوارات الحيوانات حيث تدرس في مدرستك المتوسطة. كيف تجد الفرق بينك وبين زملائك في المعلومات والثقافة العامة وطريفة التفكير التي تحدثت من خلالها المتو.. ؟ وهل تدور بينك وبينهم اي حوارات او نقاشات حول قراءة معينة أو فكرة موضوعية حا ؟
ليس كل الزملاء كبعضهم ؟!.. لكن اصدقائي الخاصين يتداخلون معي واتداخل معهم في حوارات حول ما نقرأ خارج المنهج من كتب وقد نتفق احيانا ونختلف أحيانا أخرى.
 
ماذا عن أوضات الفراغ... كيف تحب ان تقضيها ؟
 
معظم وقت الفراغ ماعدا واجباتي ودروسي احبها في القراءة قليلا واحبها في الكمبيوتر بشكل اكثر..
 
واي البرامج تتعامل معها ؟.. أو تجيد التعامل معها.. ؟
 
اعرف تماما كيف اشغل برنامج WINDOWS به لفاته الكثيرة.. كملف الطباعة- بوجه خاص- وهو ما يسمى مايكروسوفت أوفيس.
 
إذن أنت من يطبع مقالات وكتابات أبيك اليس كذلك؟
 
في بعض الاحيان فقد الصفحة مثلا.. ساعده في تصميم و كتابتها في أحيان أخرى.
 
وهل تقرأ جميع ما يكتبه ابوك الصحف من مقالات ؟
 
ليست كلها.. لكن المقالات التي التي ينشرها في عكاظ طابع خاص عندي في قراءتها.
 
اثناء الحديث مع أحمد.. جاء الابن الاصغر مباشرة وهو عبد الله. ويبدو انه قارىء تهم على الرغم من صغر سنه.. وكما توقعت منه ايضا فقد اكد النجيب ذلك.. حيث قال: انه أكثر الأبناء أقبالا على القراءة وسألته «عبد الله» يقولون انك من المحبين جدا المقراءة والاطلاع والتزود الثقافي.
 
فأي الكتب قرأتها مؤخرا ؟ وهل الكتب التي تقرأها موجودة بين كتب مكتبة والدك هذه ؟ أم أن لديك مكتبة خاصة؟
 
لدي مكتبة مصغرة في حجرتي.. اما آخر القراءات فهو هذا العدد من الموسوعة الثقافية ويشير لبعض الاعداد من الموسوعة بين يديه جاء بها معه... وحدد العدد المعنون بالطبيعة.. وقال هذا الذي اقرأ فيه الآن. تصفحت العدد.. وأذا فيه بعض المعلومات التي يدرسها طلاب المتوسطة والذي يدرس فيها عبدالله الآن.. وسالته.. هل تفيدك مثل هذه المعلومات الموجودة في هذا القاموس في توسيع ثقافتك العلمية والادبية للدروس المنهجية التي تأخذها في المدرسة ؟
 
نعم. وفي بعض الاحيان اتناقش مع ابي واخواني حول مواضيع كتاك واورد بكلام عامي وكأنه يقصد أن يقول.. دائما ما تفيده قراءته في المقارنة بين معلومات المنهج المدرسي ومعلومات القراءة الحرة.. ومدى الترابط بينهما.
 
عدت بعدها الى المصدر الاساسي في الحوار.. عدت الى النجيب وسالته عن تنقلاته النوعية اهتماماته من مجال الادارة في كموظف الى مجال الاعمال الحرة وما بينهما من الكتابة ومحاولة ابداء وجهة النظر التي كنت اقرأها له في عكاظ بالذات والتحول الى الاقتصادية. وكتاباته في مجال الاقتصاد.. سألته عن اسباب ذلك وهل ترجع الى بعض الظروف الحياتية ، أم أن الأسباب اتخذت شكلا ومضمونا آخر يختلف جزئيا أو كليا عن ارغام الظروف له في ذلك التغيير العملي المجالي ؟
 
صحيح أن الانسان اذا سار على خط معين ومحدد فانه من المحتمل جدا ان يبدع فيه لا محالة... لكن من يقول أن الانتقال من مجال الى مجال يضيع درب صاحبه ولا يصل إلى ما يريد. فالحقيقة التي وجدتها إن نهاية كل بداية لا تعني بالضرورة نهاية كل شيء وفي الغالب تكون نهاية استمرار الإنسان في سجال معين بداية جديدة في مجال آخر فبعض الاشخاص قد يتغير مسار حياتهم العلمي أو العملي او حتى الفكري في لحظة معينة يتغير اثر ذلك تاريخهم باكلمه.. وقد يتغير تاريخ الشعوب مع ذلك التغير الشخصي وعندك مثلا العالم المخترع اديسون فهو من أعظم الناس الذين غيروا في حياة انسان القرن العشرين بشكل جوهري وواضح وكبير من خلال اختراعاته هذا الرجل لو لم توبخه معلمته في المدرسة.. ولو لم يترك المدرسة- اثر ذلك التوبيخ- ليعمل كبائع للصحف في الشارع.. لم لوم يكن... ولو لم يحدث له ذلك.. لما غير مسار الحضارة الانسانية والموضوع الامم في هذا أن أحدا لم يجبره على ترك المدرسة والخروج منها بغية او بهدف انه سوف يصبح مخترعا عظيما. ولم يكن في وقته ومن بين ناسه من توقع له بأن يصبح كذلك....
 
ما مدى تطبيق هذا المثال على نجيب الزامل؟
 
بالنسبة لي والشخصي المتواضع لان بعض التغيرات النوعية كما تقول صاحب مسيرة حياتي العلمية ، وقد بدأت الدراسة ولم اكن اتصور تغيير مسار العمل بعد ذلك- فقد كنت طالبا أكثر ما نستل که قريحتي القراء قوالفن التشكيلي ، في نفس الوقت الذي كانت فية والدتي تحرص على دراستي وتهتم بأن احصل على الشهادة واتوظف على الرغم من عمل الدي في المجال التجاري وقد نخرجت بالفعل من كلية الاقتد ساد والادارة اول الثمانينات والتحقت فورا بالمؤسسة العامة للموانىء. وقد كان في ذلك الوقت المر الدكتور فايز بدر رحمه الله من كبار المسؤولين فيها ولا انكر بل افتخر باني تتلمذت على يديه فهو الانسان الذي يحمل الكثير من الوعي والادارة المتميزة حتى انه حصل على جائزة رجل الادارة الاول في العالم عام ٧٨ م فهو من النادرين وكذلك كان معنا محمد الغيني من المبدعين حقيقة وعملنا كمجموعة متميزة عملياً وثقافيا.. وقد أتاحوا لى الفرصة في ان اطبق الكثير من القناعات الإدارية والافكار التي كنت اتمنى ان اطبقها ، فقد رحب بعد « بعد ان بدأت كتائب لمدير شؤون الموظفين بالإضافة إلى إجادتي للغة الإنجليزية. أما استاذي فايز بدر هذا الاديب الإداري- رحمة الله- فقد كان سببا رئيسيا في النقلة النوعية لادارة مؤسسة الموانيء والتي وصلت إلى درجة افضل مؤسسة للموانيء في العالم قاطبة.. وتظاهي ارقى الموانىء في العالم وأنا قد راهنت واراهن على ذلك الآن.. واهمية هذا التطور تاتي من منطلق أن الموانىء هي واجهة الدولة في أي بلد من العالم .
 
اذن.. احببت هذه المهنة كثيرا ؟
 
لا انكر ذلك مطلقا عشقي إلى الآن على الرغم من انتقالي منها الآن.. فقد كانت لي قصص غريبة من غربتها الفائدة قبل كل شيء... فمثلا حدث ذات يوم أن أحمد الخطابات وكان موجها لفايز بدر يتحدث مضمونه عن انتهاء كمية معينة لخامة معينة وقد كتب فيه كلمة الكمية.. نفذت بالذال الأمر الذي اثار غضبه بشكل كبير شاكيا من خلاله سوء ادراك البعض لابجديات المفردة العربية الفصيحة.. فكلمة « نفوذ تختلف عن نفود حيث ان الاولى تعني السيطرة او التحكم الى حد معين بينما يقصد بالثانية انتهاء الشيء وان الكلمة المقصودة في الخطاب كانت بالضرورة اللغوية ان تكتب بالدال وليس بالذال مغامرات اخرى تثقفية وتعليمية علمية ومهارية اكتسبتها من هذا الرجل -رحمه الله ومن الطاقم المتميز الذي كنت معهم في العمل مشتركا قلبا وقالبا. وأخر ما نفعني به هذا الرجل- وليس أخيرا انه عندما هم بترك العمل في المؤسسة كتب خطابا كنوصية قال فيه اهتموا بهذا الرجل... ووصلت الى أعلى المراكز في الموانىء وكان لي أن أدخل ادارة مهمة تعد الآن من اهم الادارات في المؤسسة وانجحها وهي ادارة التدريب.
 
وكأنك تقول انك لم تواصل كثيرا في عملك الاداري هذا الذي عشقته.. أليس كذلك ؟
 
فلا.. بعد ذلك بفترة ليست بالطويلة ، فوجئت بطلب والدي للدمل معه في الاعمال الحرة. وكنت قد كرهت ذلك لنفسي وحاولت جاهدا ان اقنعه بوجهة نظاري وارتياحي في عملي وعشقي له. وقد حاول معي ايضا محمد الفيتي اقناع الوالد لكنه- والدي- ادر جستي بمنطقة المقتع الذي تعودناه منه وفعلا- خرجت من تلك الوظيفة وأنا ممتلىء بحرارة الانتقال ولكنني رغم ذلك لم اترك الاعمال البحرية التي أحبتها ، فقد مالت اعمالي تلقائيا تجاه معشوقتي الموانىء... فعملت في بناء الارصفة وبعض أعمال المقاولات الخاصة بالموانيء.. وقد كنت أختار ما يناسبني من عمل في هذا المجال الجديد.
 
كيف وجدت الفرق بين العمل الوظيفي الاداري والاعمال الحرة؟
 
اتحفظ على هذه الجملة الاعمال الحرة... فهي ليست حرة على كل حال أنانت في هذا المجال مرتبط على مدار السنة مع عملائك وزبائنك ومن حقهم أن يجدوك وقتما ارادوا هم ذلك لا كما تريد انت.. فمن الطبيعي جدا ان تقطع اجازتك التي كانت تأمل أن تتمتع بها من اجل اقل عميل حتى لو كان بسيطا هذا طبعا اذا اردت ان تكون من رجال الاعمال الناجحين وبالتالي فانني اسمي هذا النوع من العمل الأعمال المقيدة. منذ متى بدأت القلق ؟ وهل أودى بك ذلك القلق البعد عن الأدب أو الثقافة العامة بشكل عام ؟!
 
بدأت عام 89 في هذا البحر الزاخر.. ولا زلت اجدف على الرغم من صدق توقعاتي بانني سأواجه موجا عارما ذات يوم. وفي شركتي الخاصة بدأت في بعض الاعمال البحرية.. وكذالك من خلالها ايضا طرقت العديد من التخصصات تجاريا وخصوصا تلك التي تواكب تطورات الثورة التقنية في عالمنا اليوم بكل مجريات هذا الزمن وهذا طبعا لا يفعله سوى المطلع والقارىء باستمرار فمثلا.. هناك من ضمن التخصصات التجارة في اجهزة الترشيد الكهربائي التي تركب بالمولدات الكهربائية العمومية. وكذلك بعض الاجهزة ذات التقنية المزدوجة كالاجهزة الكهربائية الميكانيكية.. بالاضافة- طبعا إلى شركة معارض الظهران الدولية- كرد على الشق الثاني من سؤالك- وهذه الاخيرة في حقيقة الامر من أحب الاعمال الى قلبي.. حيث مكنتني هذه المعارض وت سكاني من تعزيز المخزون الثقافي المعرفي بشكل عام.. والادبي بشكل خاص بالإضافة إلى كونها ذات مردود مادي دون حد التفعية المطلقة.. واقرب ما كان حدثا هو معرض الكتاب الأول التي اقامته الشركة والذي لقي رواجا ثقافيا كبيرا بالاضافة الى المردود المادي المقنع الى حد ما...! ماذا عن الكتابة.. والمقال على وجه التحديد ؟
 
تخيل أنه من اجل كتابة مقالة واحدة قد ابذل من الجهد والوقت في البحث والقراءة الشيء الكثير.. فعلى سبيل المثال.. مقالتي في عكاظ من اعظم رحلة في التاريخ لقد اخذت على تلك الكتابة جهدا كبيرا في البحث من ماجلان من بين المراجع والكتب او مقالات عن التعليم او بالاصح كلها أن لم تكن بعضها شاملة على معلومات مخزنة في الذاكرة اصلا!! اذن انت لست بكاتب مناسبات.. اليس كذلك ؟ ماذا عن هذه النوعية من الكتاب الكثير
 
أنا لست بكاتب مناسبات والدليل ما ذكرت سابقا.. وفي منظوري الذي اتفق فيه مع من كتابنا ان الرسالة التي توجه عبر الصحيفة هي: في النهاية رسالة سامية اذا لم ترق بفكر القارىء فإنها متساوية في وجودها و عدمها...
 
ما دمنا في علاقة الكاتب بالقراءة والاطلاع هل لنا ان نطالع مضمون بعض الكتب هذه المكتبة بشكل سريع ؟
 
هذا الكتاب- التعليم الامثل عام ۲۰۰۰ مجلد من ستعماله صفحة.. صدر لمجرد ان اثبرت قضية وحقيقة اثبتت تفوق الطالب الأسيسوي على الطالب الامريكي بمراحل في مجالات الرياضيات وما يتبعها من علوم... واجتمع اثر هذه الحقيقة المثقفون بهدف الغاء هذا الفارق أو حتى كان لهم رجاء بأن يتفوق الأمريكي على الأسيوي.. واصدروا هذا المعجم القيم الذي يضم اهم ابحاث التربية والتعليم التي تحقق الهدف المرجو من اصدارة واجتماعهم فأدخلوا الكثير من المعالجات العلمية والنفسية والفكرية.. وفي هذا الكتاب بالذات فانني انصح المهتمين بامون التربية والتعليم في بلادنا بقراءته والاستفادة من نتائج ابحاثه القيمة في تطوير التربية والتعليم الدينا..
 
هذا الكتاب "قصة الفلسفة". ول ديورانت ، ما مدى تأثرك في هذا الكتاب واعجابك به ؟!
 
هذا الكتاب يتحدث عن تاريخ الفلسفة من افلاطون وحتى فلاسفة العصر الحديث ، مجون ديوي.. ويتحدث عن افكار أولئك الفلاسفة حول جميع تطيلاتهم الفلسفية وتفسيراتهم الظواهر الحياة وبعض القصص عن حياتهم.. ثم أن الاعجاب شيء والتاثير شيء آخر.. وهذا واشرت الى كتاب بعنوان "WhaT IS IS LAM"
 
هذا الكتاب لكاتب ليس بمسلم لكنه يتحدث عن رقي وروعة التشريع مود ضحا ذلك من خلال ما يذكر عنه من خصائص منفردة ومن خلال اعجابه به الذي ابداه بشكل واضح في هذا الكتاب بالاضافة الى انه ينتقد الفكرة الخاطئة التي تشوه الاسلام في صورته العامة.
 
أليس من المخجل حقا أن يتحدث غير المسلمين عن عظمة الاسلام بشكل لم يتحدث به الا القليل من المسلمين ؟ 00 ليس ذلك مخجلا.. وليس عيبا بالحجم الذي تتصوره ، فهذا الموضوع ليس بغريب أصلا. انظر مثلا للبخاري ومسلم. وسيبويه في وضع قواعد اللغة. العربية وغيرهم ممن يحملون اصولا غير عربية وقد أسلمت اقوامهم مؤخرا لكنهم جمعوا وحفظوا وتحدثوا عن الاسلام بشكل لم يتحدث عنه المسلمون العرب- ناهيك عن من كان سببا مباشرا في نقلة أوروبا الى نهضة التنوير ابن رشد ، فهو اول من عرف ارسطو وشرح افكاره للأوروبيين.
 
كتب أخرى. ابن قيم الجوزية.. ابن تيمية.. وغيرها من الكتب.. وجدناها في مكتبة نجيب الزامل.. المثقف الاداري.. رجل الاعمال.. الكاتب المربي.. وأخيرا الإنسان.