الآنسة إنديا (3)
سنة النشر : 05/02/1996
الصحيفة : عكاظ
ملخص ماسبق: والآنسة انديا.. امرأة من ولاية كير الا بالهند باعتها عمتها الجشعة مع التواطؤ مع الناسك الهندوكي بقريتها الى عائلة مولاند النيوزيلندية الدبلوماسية.. وفي أوكلاوند عرفت باسم الآنسة انديا ، ولم تعد تعرف باسمها الحقيقي واشرفت على تربية ابن العائلة بوب الصغير ، الذي. تخرج في الجامعة واستقبل الحياة مع خطيبته ماري أن... ثم أنه حصل على وظيفة مرموقة في مصرف كبير في مدينة وانجنون... وكان والداه المتقاعدان قد غادرا إلى بينهما الريفي في الجزيرة الشمالية North Island على ضفاف بحيرة..... إلا ان الآنسة انديا.. قد عزمت على الرجوع الى قريتها بالهند.
أدارت الآنسة إنديا رأسها إلى بنظراتها المترفعة وبصوتها الشامخ مضت قائلة: نعم لقد تركت ولدي الحبيبين بوب ومارى أن وشيء من نفسي متعلق بهما إلى الأبد.. وركبت الطائرة وكلي آمال وخطط في استثمار المال الذي جمعته من عملي ومن نشاطاتي الفنية خلال سنين اقامتي في نيوزيلندة في مشروع خيري بقريتي وأمضى بقية حياتي بهايم ولقد وصلت بالفعل الى القرية.. وفوجئت بها... قريتي الصغيرة التي تركتها منذ خمسة وعشرين عاما لم تتغير سرى الطريق الجديد الذي يربطها. بالحواجز ابتداء من مدينة بومبي ، ومساحات الأرض المكشوفة حولها والتي كانت أدغالاً متشابكة الأشجار.. وطبعاً تغير الناس.. لم اعرف احدا ولم يعرفني احد وبقيت شجرة الناسك.. ومات التاسك.. وبيت عمتي يسكنه غرباء لا يعرفون حتى إسمها وإن كنت أعلم منذ زمن عن أخبار متواترة عن وفاتها.. وقضيت اياما في نزل بائس... لم اعرف خلال اقامتي كيف ابدأ أعمالي ومع من... ومن لي.. ولاجل من.. كنت غريبة.. وكأنني لا أمت للقرية بأية صلة.. انتزعت منها انتزاعا من الجذور وزرعت شتلة غريبة في أرض غريبة تبعد آلاف الأميال..
خرجت يوما أهيم في شوارع القرية بلا هدف. مشتتة التفكير محاولة أن أجمع شتات نفسي. ودوافع حماسة تجذبني للبقاء واكمال ماجئت من أجله.. وبالمقابل كانت في داخلي اصوات هامسة ولكن ملحة تراودني للرجوع الى ولنجتون ، حيث بوب الصغير ومارى أن يتوسلان الى بالرجوع والبقاء معهما ، وبينما انا في دوامة الهواجس والأفكار اذ قفزت عيناي وازداد وجيب قلبي.. لاحظت امراة ساهمة تأتي من الجهة المقابلة الوجه ليس غريباً والبشرة البيضاء الشاذة في ا القرية وان كانت السنون قد عبرت على معالم الوجه والبدن وأدت فيها دورها الأزلي الا انه كان من المستحيل الا اتعرف عليها.. انها صويحبتي في عهد الطفولة روشانا ، وما أن نطقت باسمها.. حتى عقدت لسانها الدهشة وحبستها المفاجاة للفترة.. انطلقت الي بعدها لتأخذني في عناق طويل.. وسالتها الم تكوني في استراليا؟ فقالت: بلى ، ذهبت الى بلدتي مع العائلة الاسترالية وقضيت هناك خمسة عشر عاماً ثم ان الزوجة ابتليت بمرض خبيث وتوفت.
أما الفتاة الصغيرة فقد تزوجت وغادرت استراليا. وعدت الى القرية منذ ذلك الحين.. وماذا عنك أنت ؟... اجبتها عن رغبتي فيما يراودني من أمال في اقامة مشروع خيري القرية ولكن عدم وجود معارف او قریب جعلني أصرف النظر ، وأفكر جديا بالعودة الى ولنجتون وهنا بادرتني روشانا العجوز قائلة ولكن لك ابنة عمة لا تعلمين ؟! و بدهشة كبرى اجبتها بالنفي فقالت لقد تزوجت عمتك بالمال الذي اخذته من البرامن مقابل اعطائك لعائلة رولانده وانجبت صبيا.. كبر الآن وافتتح محلا تجاريا في نيودلهي.. ولدي عنوانه.. وفجأة.. أشرقت الشمس... وتفتحت زنابق الأمل... ولم تعد تسعني الارض التي أخطو عليها.. وجئت إلى نيودلهي.. واتصلت بابن عمتي « رافي » الذي وعدني بالزيارة هنا في بهو هذا الفندق. وللمرة الثالثة يخفق في تحقيق وعده باللقاء ربما لمشاغله.. ولكنه كثير الاعتذار. الا انني جازمة انه سيجيء.. وان لم يات اليوم وهذا وعده الرابع فإنني سأذهب إلى محله التجاري واناقش معه مشاريعي في البقاء وانشاء المشروع.. أنه كما تعلم أملي الوحيد.. وإلا.. ولم تكمل الأنسة انديا واكتفت بهز كتفيها.. ونظرة عميقة في عينيها..... في الغد.. ذهبت الى مكتب السفريات للحجز لي والزميلي إلى مدينة بومبي ولمحت عن بعد شيء مستقيم القيامة معتمداً تلك القبعة المخملية التي تكمل المظهر الارستقراطي للآنسة ( انديا).. تخرج ن الباب الآخر للمكتب فسالت موظف الحجز ماذا كانت تفعل هذه السيدة هنا فأجاب بعدم اكتراث وهو يتصفح دليل الرحلات الجوية الضخم انها اكدت الحجز الى ( ولنجتون) ولنجتون نيوزيلندا..