الآنسة إنديا (2)

سنة النشر : 13/02/1996 الصحيفة : عكاظ

 
كان ملخص الحلقة الأولى أن الآنسة إنديا التي قابلتها عرضا في العاصمة الهندية تروي شيئا من أحداث حياتها. وكيف أن عمتها الجشعة بالتواطز مع الناسك البراهمي اعطتهاء الى عائلة نيوزلاندية آل رولاند) حيث كان الزوج ملحقا تجاريا البلده في الهند...
 
ثم أن الآنسة ( إنديا) وباستعراضها الأرستقراطي ورزانتها المسرحية تأملت صامتة في اللاشيء.. ثم تابعت: لقد ذهبت طفلة لا أعرف الحياة وحدودي وعالمي كانت قريتي مع (آل رولاند) العائلة الجديدة إلى نيودلهي حيث مقر عمل الزوج ( جيمس روبرت رولاند) وزوجنه السيدة ( دوروثي.. كانت نيودلهي انذاك مدينا ومنسقة المسيحة نظيفة وبالذات في الحي الذي يقطنه الدبلوماسيون والجاليات الأجنبية.. ومرت الأيام وتعودت على حياتي الجديدة.. ولم تكن في الحقيقة أياما بل سنوات إلى أن واسد طفل العائلة ( بوب الصغير) ولقد تعلقت به شخصياً حتى الولع وبينما كنت أقوم ذات يوم بالتنزه مع برب ( الصغير) وكان رضيعا في عربته في حديقة الحي اذ مرت بي فتاة بيضاء البشرة ولم تكن غريبة الملامح.. ويتنهد عميق بل كانت علاء جها تجري مع كل دفقة دم في قلبي.. إنها صويحبني تلك التي حدثتك عنها من أتراب ورفاق القرية ( روشانا) وكانت تحمل ايضا طفلة شقراء شعرها حلقات من الذهب.. اقتربت منها وصرخت بأسمي الحقيقي ( مانديرا) وكان لقاء مشيريا تصاعدت فيه الزفرات. وهطلت الأدمع مدرارا.. ولما أفقنا مما نحن عليه من بث الشوق غائر أخبرتني بأن القديس السمسار أبن الشجرة)- وقالتها سلط حبيب على مخارج الحروف- كان قد توسط مع عائلتها كي تقوم على خدمة عائلة دبلوماسية استرالية ( وهذه التي احملها هي ابنتهم.. لم يسعفنا الوقت.. ولم تقف بجانبنا الظروف.. ولم أر ( روشانا) في نيودلهي منذ ذلك اليوم وان عرفت انها ذهبت للإقامة في سيدني مع عائلة تلك الطفلة... وبعد أعوام ( بوب الصغير) صار يذهب الى المدرسة الدولية الإعدادية والتي أرافقه اليها يوميا وأمكن معه في فصله... فتعلمت معه. ثم تعلمت الكثير وكان الوالدن الطيبان من الكريم والمراعاة بحيث ساعداني دوما على اكتساب العلم والمعرفة وتعلم الحرف الفنية وبالذات الرسم على (الدانتيل) الذي برعت فيه كثيرا.. ثم جاء قرار.. وانتقلت العائلة إلى نيوزلندة إلى مدينة أو كلاند ورايت العالم المبهر الآخر والاخلاط والاجناس المختلفة الأوروبيون والهنود، وأهل البلاد الأصليون الماوري من البولنيزبين وهم اصداب مراس ولم يخضعوا تماما لسلطة الرجل الأبيض.
 
لذا فإن تأثيرهم الاجتماعي والوطني مازال قويا وحاضرا) وعكفت على مهمتي الأساسية وهي رعاية ( بوب الصغير).. الذي بدأ يشب... وتعلقت به کابن لي وإن كانت السنوات التي تفرق بين عمرينا لاتصل إلى عقد واحد. وعرفني أهل أوكلاند باسم ( الأنسة إنديا) وهذا هو أسمي منذ أكثر من عشرين عاما قضيتها في ربوع نيوزلندا. اطلالتي الحقيقية على الحياة.. وفضلا عن عملي الحبيب مع ( بوب الصغير) فإنني ضمنت دخلا متواصلا آخر وبرعاية ( آل دولاند) من بيع أعمالي ولوحاتي الفنية في أسواق الآحاد وبعض المعارض.. وأدخرت حسابا خاصا.. وجرى بين يدي شيء من المال.. وبدأت الدنيا ترسم احداثا جديدة.. تخرج بوب في الجامعة.. وتعرف على الفتاة الرقيقة ( ماري آن) وغرق في التخطيط لحياتها.. وتقاعد الأبوان وأكرا بالإقامة بكوخهما الريفي على ضفاف البحيرة الرائعة ( تاييو) حيث يصب النهر العظيم ( ويكاتو).. وطلب مني ( بوب) في يوم وهو جذل بان أرافقه مع ( ساري ( أن) الى مدينة ( ولنجتون) حيث حصل على منصب مهم في أكبر المصارف هناك. وهنا توقفت!! ورجعت مخيلتي وعواطفي سنينا وسنينا الى الوراء.. الى قريتي الغافية في كيرلا بالهند.. وعزمت على الدودة وعمل شيء ما في قريتي بالمال الذي ادخرته والبقاء هناك أنني لا أزال أرى الدموع المنهالة على وجنات بوب وصاري أن.. وهما يودعانني في المطار.. وتأكد! لقد تركت معهما قطعا من قلبي البقية في العدد القادم
 
والمهم.. إلى ( لولو)..
 
تجرين.. وتمرحين... تترامي في القلب ساحاتك تتعثرين. وتمشين.. والآن: كالغزال خطواتك وبين النفس والضلوع مازلت ضحكاتك ، ومعها صرخاتك..
 
وكبرت... ياطفلة الأمس.. وغادة اليوم.. وكادت تنسيك الأحباب.. مراتك