الآنسة إنديا (1)
سنة النشر : 06/02/1996
الصحيفة : عكاظ
كنت في رحلة قبل أيام شعلت منطقة الهادي ، ثم ظروف الرحلة مع زميلين حميمين في مدينة نيودلهي العاصمة الهندية ، وحجزنا قرا لنا في أحد فنادقها القارعة ( وهذا يعني أن صاحبي من ذوي النعمة على أن ادفع ثمن ذلك وهذا شأن من والجاه وكانا ، ويمتاز ذلك الفندق بهو باذخ واسع سقوفه وجوانبه ومراته فنانون مطبوعون مهرة وبالغ الذواقة في فرشه ورياشه وكان أحب ما علي هو قضاء وقت طويل ومتصل في الاطلاع والقراءة في البيئة الفخمة بالبهو الواسع في النفري بأوجه البشر الرائحين والعائدين والجالسين والسارحين.. وارجو الا يؤخذ على طابع الفضول بشهادتي الفضول ليس صنة لي. (!) أما ما كان من شأن رفيقي ، فإنهما يكونان عادة خارج اللندق لقضاء الأعمال الخاصة بهما لتجتمع مرة أخرى في العشاء أو في نهار ما كنت اتصفح مجلة اشتريتها لتوي وكانت تحتوي. على غلافها اشارة بان في داخل المجلة ملحقا اعلائيا ما فوعا عن دولة نيوزلندة يصدرها المكتب الويلني الله يا حي النيوزلندي ترویجا ودعوة للسياحة في مرابع هذا البلد الجميل.. واذ بسيدة تبدي عليها سمنة أبناء القارة الهندية ولكن بتقاطيع صارمة وتعابير محكمة في أوائل العقد الوسطى من عمرها وترتدي ملابس رسمية رفيعة الاناقة وقبعة سفيرة منملية تمس رأسها الاسود الذي بدأت تسري يه الخيوط الرمادية تتقدم إلى وتبادرتي بكلمات عالية التهذيب بانجليزية نصيحة ولكن مليئة بتلك اللهجة ذات النفسة القوية والنهايات المقطوعة التي ذكر تنسي بلهجة بحارة الموانىء الاسترالية مما جعلني استبعد فيها الهرية الهندية تقدمت السيدة قائلة: لقد لفتني الاعلان من نيوزلندة وأود لو اعرتني- من فضاك المجلة- ان لم يكن هذا تعديا وازعاجا لعدة لحظات لاتصفح الملحق الاعلاني عن نيوزلندة؟ استغربت الطلب.. ولكن باريحية... اعترف بها- كدت اترك العجلة بما فيها لها... إلا أن شددت على طلبها بالاكفتاء بالاطلاع على الملحق.. ثم ناولتني المجلة قائلة: هل زرت نيو لندة ؟ ولما كان الجواب نقيا فإنها راحت تسهب بالشرح عن جمال الطبيعة في نيوزلندة والجزر المتناثرة حولها.
وأفاضت الى حياة الناس الاجتماعية. وأجناس بسم وطبائعهم... واستطرادة مع حماسها البالغ سلتها: أنت نيوزلندية ؟ فأجابت ترفع حاجبيها بارستقراطية صارخة: لا: أنا هندية.. وكان يبدو عليها أن ترد الاسترسال.. وكان يبدر علي أنني جهزت نفسي للاصغاء إن سمحت استطردت السيدة بلغتها المسرحية قائلة: أعرف باسم الآنسة إنديا.. وهذا بالطبع ليس اسمي الحقيقي وانما تعارف الجميع في اوكلاند) على اطلاق هذا الاسم علي منذ الصغر وشاع واندثر اسمي الحقيقي ( سانديرا) وأنني دوما اردده بيني وبين نفسي كي لا انساه. اتذكر أن سنواتي الأولى في احدى قرى كبولا في الجنوب الأوسط عنا بالهند.. ومازلت ذاكرني تعي قريتي الصغيرة المكونة من أكواخ المزارعين.. وعشت مع عمتي ومازلت اذكرها جيدا وإن كنت لا اذكر لماذا ؟ ربما لوفاة والدي.. لا أدري.. ومازلت ارى عمتي البدينة الوحيدة في القرية تأخذ الطعام للبراهما ( ميراشا) الناسك القابع تحت الشجرة الكبيرة في الساحة الموحدة للقرية وكانه لاسق بها لايتركها إلا عند الاغتسال التطهيري السنوي في النهر حتى صرنا شميا... تحن الصغار ( بابن الشجرة) والذكر واحدة من اترابي اسمها ( روشانا) وكانت بيضاء البشرة تعيش مع عائلة يقولون أنهم وجدوها رضيعة في اطراف الغاية وذهت الاقاويل انها ابنة لرجل عايث منحدر من اصل برتغالي وخبثاء القرية يدعون أن امها كانت نتودد الرجل الثقر من مبعوثي أحدى المنظمات الانسانية التي كانت تؤدي مهامها في قرانا ومزارعنا ، وساعود لك لاحقا لأحكي لك عن صاحبتي هذه اما عني فإن ابن الشجرة) كان عائدا يوما من زيارته السنوية للنهر وبمبيته رجل وامرأة وكانا من البيض.. واذا به يأخذ عمتي الجشعة خلف الشجرة.. لتاخذني العمة على عجل الى الكوخ وتضعني في حوض غسيل الملابس- للمرة الأولى- وتقوم على غسيل جسمي وشعري ثم تسرح شدي وتضع حلة لا البسها الا في مهرجان ( شيفا).. وتسلم في الى الزوجين الاشقرين. ومن ثم بدأ فصل حياتي الجديد وربما الابدي مع عائلة رولاند. وكان الزوج ملحقا تجاريا
الدولته نیوزلنده والي الحلقة القادمة.. والمهم... الى رفيقة الدرب ميما نأت بي تصاريف الزمن.. تبقين ملاذي- انت.... وتبقين وطني.. لأنك تعطين أغلى ما بالدني
وبلا ثمن...
أتوه في لجة البحر.. وتبقين الساحل.. وعندما يضيع
واقعي في حلمي الراحل. تبزغين.. « نور ».. بدرا غير آفل... ولما يتعبني شقائي وضعفي وو مني..
تيقين ملاذي أنت. وتبقين وطفي!