مشكلة عالمية .. العام (صفر، صفر)
سنة النشر : 16/01/1996
الصحيفة : عكاظ
طالعتنا مؤخرا صحيفة الهيرالد تريبيون بمشكلة عالمية تبدو في ظاهرها بسيطة بسبب غياب الفطنة قد تتحول الى كابوس يؤرق العالم.
بينما في الحقيقة.
هي... ما القصة ؟!.. القصة باختصار بان حاسبك الشخصي.. والحواسب في المصارف وبيوت المال وفي الهيئات الحكومية والمنظمات الكبرى والصغيرة. وجميع أجهزة الحاسب في العالم.. وببساطة مؤلمة.. أن نستطيع تعيين العام ٢٠٠٠ ، فبالنسبة إلى الحاسب قد تعود منذ عقود على قراءة السنين فقط كرةمين.. فالعام ۲۰۰۰۰ سيكون اذن هو العام ( صفر ، صفر) ( ۰). وبعد فان التفكير في حل هذه المشكلة الصغيرة سيجعلنا ندرك كم هو متحكم ومسيطر هذا الحاسب.. وكم صرنا تابعين قليلي الحيلة حياله... ان الحقيقة الصعبة وليست الوحيدة ان تعليم الحاسب بوجود القرن الواحد والعشرين سيكلف الشبكة الدولية رقما فلكيا قد يتجاوز الستمائة مليار دولار.. والأدهى.. أن هذا المبلغ لابد ان يبدأ صرفه من الآن خلال الاربعة أعوام القادمة.. ويقول أحد الخبراء العاملين في الشركة العملاقة ( IBM) انتي) احيانا أباشر عملي متجاهلا هذه المشكلة تماماً ، وفي يوم آخر اراها كارثة.. كارثة كبرى... فالمراقبون في شركة ( IBM) يقدرون ان تكلفة حل هذه المشكلة في القارة الأوروبية ستتجاوز ١٥٠ مليار دولار.. أن الخبير الذي اشرنا اليه.. اسمه ايان) بيكر) ومهمته رئاسة فريق من العاملين ( وتقول الجريدة بل سمه جيشا عددهم يزيد عن العشرة آلاف فرد لا عمل لهم الا اصلاح واعداد البرامج للتعرف على القرن القادم... ان لم يدرك حاسبنا الحاضر العام ٢٠٠٠ في السنوات الأربع القادمة فان احداثا غريبة ستحصل.. فينوك الدم مثلا ستبدأ بالتخلص من البلازما عند اقتراب العام ٢٠٠٠ م لأن حاسباتها ستعتقد ان صلاحيتها قد انتهت في العام ( ١٩٠٠) ، وكذلك بالنسبة المولودين الجدد في البلاد الغربية ، ستبدا الحاسبات بصرف شيكات التأمينات الاجتماعية ( 1) لانها تعتقد أنهم بلغوا من العمر عتيا..
وحتى بالنسبة للحواسب الشخصية ستواجه ايضا مشاكلها فعندما يأتي العام ( صفر ، صفر) فان اغلبيتها ستعيد ضبط ساعتها الداخلية الى شهر يناير من العام ۱۹۸۰ م وهو العام الذي اخترع فيه نظام التاريخ للحاسب الشخصي.. ولقد بدأت منذ الان تغزو الأسواق برامج لاصلاح هذه المشاكل في الحاسبات الشخصية.. أن النظام الذي أعدته الحضارة الانسانية لتسهيل نظم حياتها.. وجعل الأمور والاجراءات أكثر انسيابية واجدى انتاجا.. قد يتحول في وقت غير معلوم الى آثار عكسية قد نعرفها وقد لا نستطيع حتى أن نجرؤ على التنكير بها!
منذ عشرين او ثلاثين سنة مضت كانت ذاكرة الجواسب ذوات فضاء محدود وبتكاليف باهظة وبحساب السنوات بخانتين فقط عوضا عن أربع وفرت صناعة الحاسب الكثير. وعندما توسعت قدرات الذاكرة في الحواسب وصارت اقل سعرا وأوفر سعة وجد كتاب البرامج أن تسجيل السنوات برقمين اصبح اتفاقا وعرفا كونيا وبسات من العبث المخل محاولة تغييره والنتيجة.. صارت شركات البرامج والاجهزة مستمرة في امداد السوق العالمي بمنتجات لن تتواكب مع العام ۲۰۰. وهذا الذي دعا شركة ( IBM) الى الخروج بتصريح لأوساط المهتمين لهذا الموضوع بأن الشركة تنوي أن تكون في نهاية هذا العام قد حازت على النسخة النهائية لعدة برامج صالحة للعام ٢٠٠٠ وما بعده. ويمضي التقرير موضحا بأنه وبكل الاعتبارات ما سيجعل من العام ۲۰۰۰ مشكلة مربعة الحجم ليس فقط المهام الفردية البالغة الضخامة وانما ايضا نوعية ومجال هذه المهام.
فشركات التامين الضخمة كمثال قد يكون لديها أكثر من ستين الف برنامج فردي للشركة الواحدة). كل برنامج بنظامة التأريخي المتنقل ، معظمها كتبت وعدلت وحدثت بلغات برمجة اندثرت وبواسطة مبرمجين تقاعدوا منذ زمن أن ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا هو أن الكثير من الحواسب مرتبطة ببعضها الكترونيا بين مكتب وآخر بل وبين شركات ومنظمات اخرى.. فتصور أن شركة طورت حواسبها لتواكب العام ۲۰۰۰ ارسلت الكترونيا كشوف رواتبها الشهرية إلى حاسب مصرفي لم يجر التعديلات لترتيب اجراءات الدفع تصور أيضا حجم التضارب والاضطراب الذي سيكون.. والوصف الدقيق واللطيف لهذه المهام الفردية هو تعليق لاحد الخبراء يوضح العملية: « بأنها بسيطة لكل عملية فردية بحد ذاتها. ولكن ؟.. ( أنها مثل نقل رمل الصحراء الأفريقية ( الصحراء الكبرى الى امريكا الشمالية.. حبة.. حبة ويحث الخبراء الشركات الكبرى الحساسة للعمليات التاريخية بالذات مثل شركات التامين والمصارف بأن لا بديل امامهم سوى البدء بهذه الإجراءات منذ الآن ليكونوا على اهبة الاستعداد للقرن القادم. ويقول التقرير بأن الشركات الأمريكية هم الأكثر وعيا بهذه المشكلة.. ويتضاءل هذا الوعي لدى الأوروبيين فأحد الخبراء العامين ببنك باركليز ، صرح مبسطا الرضع « ما الداعي للقلق.. انني لا اصدق انه من الممكن ان تنشأ مشكلة بهذا الحجم فقط لتغيير تاريخ في كمبيوترا.... وهنا ليس لدي الأهلية للحكم على حجم المشكلة واقعا.. وربما كان هذا يستحق أن يتأمل فيه خبراء الحاسب...
مانيلا- الفلبين