حذار .. يا محمد!
سنة النشر : 31/10/1995
الصحيفة : عكاظ
كنت من المتابعين للاجتماع الذي عقد مؤخرا بين معالي وزير المواصلات والمؤسسة العامة للموانيء من جهة وبين مجموعة مختارة من رجال الأعمال وممثلي الشركات الذين يزاولون اعمالا في الموانيء أو أن طبيعة أعمالهم تتصل مباشرة بالموانيء.. وسرني أنني سمعت أن الاجتماع انتهى بنتائج ايجابية للمواضيع التي تم نقاشها.. وأقف بشكل خاص عند التدريب والتعليم الأكاديمي واتفاق الجميع على أهمية وتطبيق الاقتراحات التي طرحت في الاجتماع وأذكر- وهذا ليس من زمن بعيد- في أوائل الثمانينيات الميلادية كانت معظم البنية والهياكل الاساسية للموانىء قد اكتملت أو انها في سبيلها للاكتمال ووضحت صورة أولي الملاحم المتتابعة لعمليات التوسعة الكبرى التي تعدت الأصل بأضعاف، وبناء الموانيء الجديدة والمتخصصة وبأحجامها المختلفة.. ثم جاءت خطة نوعية هامة واستراتيجية وهي بناء المعرفة والمهارة الاساسية والمتخصصة للملتحقين بأعمال الموانيء ذات الطبيعة المتخصصة وبالذات الملاحية وتلك المتعلقة بحركة وادارة التشغيل وارشاد وترصيف السفن.. وعندما أقول بناء المعارف والمهارات فهذا ما كان يقصد به من وراء تلك الخطط النوعية حرفيا.. فلم تكن الموانيء منذ بدأت بالمؤسسة التي نعرفها الآن غافلة عن الجانب منذ نشأتها بل الحقيقة أن عمليات التدريب كانت مكثفة وفي أوجها في البدايات ولكنها فى معظمها كانت تختص بالجوانب الادارية والمالية والاجرائيات المساندة لعمليات الموانىء المتخصصة وكانت تلك طبيعة البرامج أيضا التي توفرها مراكز التدريب في المملكة مثل معهد التدريب والذي خرج كفاءات يعتد بها ويعتمد عليها ومن مراكز الاعداد المهنية.. وكان الطموح والتطلع الى تهيئة الأطقم الفنية الوطنية لتمارس العمليات البحرية والتشغيلية المتخصصة وبنيت هذه الخطط على محررين محور للاستقطاب الآني في الاستفادة من خريجي الأكاديميات البحرية العربية من الدارسين السعوديين ورفع مستوى وأداء الممارسين الوطنيين المحترفين وهم اولئك الذين نموا هذه المهن عبر الوقت بالخبرة الميدانية وبالفعل فقد أدى هؤلاء أدوارا رائعة في اعمالهم.. والمحور الثاني الأطول مدى والأبقى أهمية هو انشاء المراكز التدريبية المتخصصة لاستقبال وتدريب وتخريج فئات مؤهلة من الشباب الوطني ذوي المستويات التعليمية المناسبة في الموانيء أو في أحدها ، وإنشاء كلية أكاديمية بحرية مرتبطة بالجهاز التعليمي الجامعي.. وتتوالى السنون سريعة وقصيرة مع الطموح ومع الأمل واذا بميناء الملك عبد العزيز بالدمام يشهد صرحا تدريبيا سيقارب الآن على الاحتفال بعيده العاشر وصار جوهرة في عقد الانجازات المتعلقة بالموانيء.. وعندما تحتفل الموانيء العام القادم بعيدها العشرين فلا اظنها الا كاشفة وباشراق عن نجم من نجومها الساطعة... التدريب!
وللموانىء عشقها.. وعشاقها.. يجري هذا الحب في تلافيف العقل كما ينساب مع دماء القلب ، وعندما التقيت بالصديق محمد ناصر بن علي الغيثي رجل الموانىء العريق ومن بعد مدة لم نلتق بها.. لم نبادر بالحديث عن الأمور العامة والخاصة كما يفعل كل العقلاء.. وانما دار الحديث عن المحبوبة المشتركة الموانيء! وبالذات في التشجيع على المضي في عمليات التدريب والتعليم الأكاديمي المتخصص واستعرضنا الآليات العالمية المتبعة في منح الدعم والبعثات الدراسية وتبني الكراسي المتخصصة من قبل الأوساط العملية ذات المصالح والاهتمام المباشر بالموانيء. وكان الحديث لو تصدقون شيقا- مع انه حب يخلو من الصب والصبابة وهذا توضيح يهم كلينا للأمور الداخلية!... ويا محمد حذارا عليك فقط أن تكتفي بعشق الموانيء!!!