المختصر في أمراض الكلى

سنة النشر : 07/02/1995 الصحيفة : عكاظ

 
الأخ الاستاذ الأديب المثقف الفقير إلى ربه.. الخ من الألقاب والنعت والكنى المرغوبة وغير المرغوبة...وكلي رجاء وأمل بأن يحوز هذا الكتيب رضاء كم ، د. فهد المهنا...
 
أنك ترى هنا اهداء طريقاً بولغ فيه بالألقاب ليؤكد على المنحى الساخر في القاء الالقاب جزافا أو ربما تنبيها ذكيا من المهدي الى المهدى إليه بالاستيقاظ ان كان يحلم بأن هذه الالقاب نياشين على صدره... إلا أن المهم هنا أن هذا الاهداء تأطر كتابا علميا طبيا عالي القيمة وكبير الاهمية لرفع الرعي الصحي الكلوي العامة من الناس. قام على تأليفه واعداده الطبيبان فهد عبد العزيز المهنا وابراهيم سعيد عبد الرحمن.. وهذا النوع من المؤلفات احب ان اطريه دوما ، ولن أمل من تكرار ذلك لان تأليفها يتطلب وقتا والأطباء اكثر الناس انشغالا ، وتتطلب جهدا علميا مركزا لان المعلومات الطبية تحتاج دقة وتمحيصا شديدين ، ولأن مؤلفي هذه الكتب لا يرجون نفعا ماديا وراء كتبهم فهي ليست للرواج والشيوع وان كانت الاحق بذلك لفائدتها العظمى للانسان كفرد والمجتمع كخدمة للتوعية والوقاية الصحية وللدوائر الصحية للاسهام في التوعية وتعميم الخدمة الوقائية وتخفيف العبء على الاجهزة الطبية بشكل عام.
 
والكتاب الذي تفضل المؤلفان باهدائه يحمل عنوان « المختصر في امراض الكلى وهو موضوع جاء في وقته.. فمرضى الكلى يزدادون بالآلاف في بلدنا ، والخدمات التي تقدم لهم فوق انها باهظة التكاليف الا ان التزاحم عليها يفوق خطط التوسع.. فالاقبال على الغسيل الكلوي والمعرب في كتابنا باسم "الديال الدموي" فاق التوقعات. وامتلأت مراكز الكلى الصناعية في مستشفياتنا بمرضى القصور الكلوي المزمن والعدد يزداد يوما بعد يوم.. ويعكف القائمون على المركز السعودي لزراعة الاعضاء على اعداد القوائم المضنية والقيام بالاجراءات الكثيرة والمعقدة وبذل جهود فائقة في سبيل متابعة واتمام توفير الاعضاء القابلة للزراعة للمرضى المناسبين.. تأكد ان هذه جهود هائلة وبأرقام مالية فلكية. كان بالامكان الاستغناء عن معظمها لو فقط عرفنا معنى الفشل الكلوني إن معظمنا لا يدري شيئا عن امراض الكلى وبالتالي لا يعرف مسبباتها.. والاهم أننا لا نقوم بكشف دوري عن كفاءة عملها.. لو فقط تم ذلك لوفرت جهود والام وأموال.. وحيوات الآلاف من الناس. ان كتابا مثل "المختصر في امراض الكلى" لابد ان يطلع عليه غالبيتنا وأمل أن يروج له ولأشباهه من الكتب النافعة كافة كتابنا ، وكافة الوسائط الاعلامية.. ويجب أن يحظى مؤلفو هذه الكتب بالدعم والتشجيع لينابروا في استمرارية هذا العطاء الفائق ا القيمة للأمة.. خصوصا وأنه أعد في لغة سهلت وعربت مصطلحاتها العلمية ما أمكن ليفهمها جل المتعلمين والمهتمين وتلاميذ الطب المبتدئين.. ومعرفتي الشخصية بالمؤلفين هي التي تجعلني مطمئنا إلى جزالة وصحة أسلوبهما العربي.. فهما قبل ان يكونا استشاريين لأمراض الباطنة والكلى كانا منذ تربيتهما الأولى قد نشأ كل منهما وتلقى في منزل ذويه ويعد بمتابعته الشخصية قواعد اللغة والحفظ من امهات الكتب فخرجا على نباهة واضحة في المقدرة على التعبير العربي السليم وفي تطويع الكلمات لتحقيق المتعة والفائدة معا.. ولا تحسب ان الكتاب من تلك المؤلفات الثقال.. وانما هو كتاب خفيف انيق ويشمل طيفه كل أو معظم الوان المعرفة المتعلقة بوصف الكلية الى المرور بأهم أمراضها ووسائل علاجها.. وأنصح بقراءة الابواب الحادي عشر حتى الرابع عشر والخاصة بالقصور الكلوي الحاد والقصور الكلوي المزمن ، والديال الدموي (غسيل الكلى) واغتراس الكلية زرع الكلية...
 
وشيء آخر يجعلني اتحمس دوما لهذا النوع من الكتب خارج حدود مواضيعها العلمية وهو حسن اعدادها باللغة العربية هذه اللغة التي املك ثقة مطمئنة عميقة في قدرتها ومرونتها على مواكبة العلوم العصرية بل وثرائها الذي لا ينتهي في التوسع بها والاشتقاق منها متى ما توافرت ادواتها وحسن قيادها من علمائنا.. هذه الكتب وهؤلاء المؤلفون هم الأدلة الساطعة والبراهين العلمية على أن اللغة العربية لغة حية ومتفاعلة وتأبى أن تموت وان طعنها الابن والغريب. لذا فان تلقي علوم اللغة في كل كلياتنا العلمية والتقنية بات من المطالب الاساسية لدفع شخصيتنا العربية المتميزة.. ولا أقول بحتمية تعريب العلوم ففي معطيات عصرنا هذا التلقي باللغات السائدة أمر لا يجب مناقشته ، ولكني اقصد التركيز على دروس اللغة العربية كتخصصات فرعية ملزمة هي والعلوم الدينية فيخرج علماؤنا المستقبليون بعلم وافر ، وشخصيات ناضجة وباعتزاز بشخصياتهم الحضارية.
 
إن شكر العاملين المجدين الحقيقي ليس بكيل المديح لهم.. بل بالاستفادة من جهودهم!