التخوم الشخصية للمدارس الأدبية
سنة النشر : 26/07/1994
الصحيفة : عكاظ
.. في المقال الماضي تعرضت لتكوين ما اطلق عليه تجاوزا تشكيل التخوم الادبية والفكرية المجتمع ما او لبلاد ما. ثم زعمت انه لم تتشكل حتى الآن في هذه المنطقة (المملكة والخليج) شخصية محددة تحدد وتؤطر المدرسة الطريقة المنهج السائدة. وأن جل مفكرينا واصحاب الادب هم يتأثرون بالمدارس التي احتكوا بها.. قراءة... او تعلماً. هذا اذا استثنينا الموروث التقليدي والأدب الشعبي.. الا ان بعض المهتدين واخص زميلاً ناضج الرؤية عميق التحصيل والمعرفة وناقداً مطبوعاً من أولئك الذين وهبوا التقاط فكرة الموضوع وانتقاده بمنهجية منظمة وان كان غائباً عن الظهور في المجال العام وهذا الذي يدعوني الى التأكيد عن البحث عن أصحاب الموهية لانهم يتعففون في أحيان نادرة أو لا يقدرون ما يمتلكون في احيان غالبة.. تاركين السماء لبعض العقيان والنسور ولامثالنا من ضعاف الطير الذين لا تحملهم أجنحتهم الضعيفة للتحليق الى اجواز الفضاء.. وهم الموهوبون في قسمهم الباردة يفكرون. ولا يفعلون ينتقدون ولا ولا يصممون.. وعندما نملك ذلك التحون يشيرون المكشاف الذي يناقب من المواهب سنجد عقولاً نابضة وقدرات سابغة تؤهلنا المطاولة عمالقة العالم والتقدم الصفوف جوائزه وتقديراته الكبرى ولكنه الركض وراء الاسم واللقب العلمي كأسهل الحلول وليس بالضرورة اجداها.. واعود الى أولئك الذين تحاوروا معي حول النقاط السابق التنويه عنها واخص صاحبي الأستاذ الناسك.. والذي فقد تحديد مدرسة بذاتها لامة من الامم.. بل وامين الصديق.. وبعتهجيته الدقيقة وتسلسل منطقه الرياضي أفاد بأن العالم منذ بدأ اتصال الشعوب وهو متبادل التأثير واراد أن ينبهني الى ان الدعوة الى مدرسة محددة لمجتمع ما هو تقييده في اسار من هذه الخصوصية ومد لتدفقاته في العطاء والنهل من المتاح في الثقافات الأخرى.
وأنا هنا احاول الرد على ما قاله الأخوة الكرام وأن كان ما افعله الان بجانبه الانصاف والعدل لأنني العب في الساحبة وحيدا ولى الكرة والمرمي واللاعبون الآخرون يغيبون حتى عن مدرجات النظارة.. الا بعد ولكني من ساحتي هذه اسالهم- وادعو الا اكون متطاولاً- أن يخرجوا للدائرة العامة ويتفاعلوا مع هذا المجتمع الذي ينهض وهو تواق للمعرفة.. ولنسعد بما يطرحون من فكر ورؤية وحكمة ولتعط دلائل بازغة بان هذه الأرض تعملي مع الخير والنفط وهج العبقرية وقبس المواهب والفكر ، أما فيما يخص التفعل والتفاعل مع امم العالم فهذا صحيح ولكن لكل امة نوع من الادب الذي يستلهم تراثها وينمو من جغرافيتها ويتطور مع بناء مجتمعاتها وطبيعة افرادها. وها انت ترى أن لكل فرد على هذه الارض صورة محددة لطبيعة افراد الاسم ( الالماني عسكرى الانجليزي بارد وواقعي ، الفرنسي ازياء وفن اباني تكريس ودقة.. الأمريكي الجنوبي عواطف من نار.. وتترى الامثال فما بالك بمناهج الادب و مدارس الفكر.. خذ الامة الالمانية ( بمعناها الجغرافي التاريخي والاثني ( اللغوي فرغم الانطباع السائد عن صرامة أفرادها العسكرية تأثراً بالامبراطورية النمساوية والعسكرية البروسية والانفة الآرية الجرمانية الا ان التخوم الفكرية تعطينا بعداً بائنا كل البون عن هذه الصفات الفيزيائية أن الادب والفكر الالماني مطبوع بعناصر اللغة المشعة والفكر العلمي والعواطف المتطرفة اللاهبة والفلسفة الصوفية المتاملة العميقة ( وهي صفة شرقية صرف) والميل الحادق للتخليقات الموسيقية وصبغها بقوالب الادب والفكر وامثل على ذلك بأعظم أدباء الامة الآرية ( يوهان جوته) الشاعر والكاتب والمسرحي والروائي فقد ظهرت عبقريته العلمية ايضا حيث برع في علم الاحياء يل. وقند نظرية الضوء الاعظم عقول التاريخ الرياضي العالمي اسحق نيوتن. وراد قافلة الادب الأوروبي من يعده بالتجديد ولكن صوب الشرق وتسائر بالتأملات والوجدانيات الفارسية لاسيما بالشاعر حافظ في كتابه ديوان الغرب والشرق)... وكان مجيدا للرسم والموسيقى.. ورغم أنه حاول ان يجعل من تطبيقاته الحياتية دليلاً محسوسا لامكانيات الانسان المتكاملة لتجليه وابداعه في أكثر من مجال وعلم.. الا انه اصطيد بالفخ الأزلي وذاب هوى. وعاطفة وهياما باحدى الفتيات التي لم تبادله الاحاسيس فهوى به الالم والتضور والعشق إلى جروف الانتحار. ثم نزف (حرفيا) روايته العظمي (آلام فرتر) عبرة عن عواطفه المستعرة واخفاقاته السريعة وعذاباته التي طرحت بضلوعه وازاغت اركان عقله إقرا الرواية تجد كان كاتبها من بلاد العواطف الحارة والانفاس الثائرة جونه المظلة الكبرى الشخصية الادب الالماني: لغة تنحت من جبال بافاريا وعلم مجرد وغوض موسيقي صادح.. ومشاعر انسانية في أقصى إطرافها.. وتصرفات ماورائية وتأملات وراء العقل. وحد فردريك نيتشه ذلك العلم السامق الذي ثارت عاطفته وانتهى به ذلك إلى العصاب ومن ثم مرض عقلي خطير وانظر الى تاملاته الصوفية في هكذا تكلم زرادشت وهى قصيدة مستفيضة فيها نوع من الاسلوب الاشراقي بشر فيها بالانسان الفائق السوبر سان ».. وصادق الموسيقى فاجنر وفي فلسفة شاعرية وغزارة بالاحساس مما يدل على ولعه. الموسيقى.. اذن لغة متينة موسيقى عميقة.. فلسفة عقلية.. جنوح عاطفي جسامح.. وشوبنهاور الفيلسوف المثالي ( مثالية كانت) والذي صنف الكتب مدللاً على أن القوة وراء القرد في ارادة الحياة والحياة عبارة عن تصادم الارادات القلقة.. ولهذا العالم زاخر بالالم.. ودعا إلى وأد الرغبة وقتل الارادة كطريق للخلاص ( تأمل انها صوفيات بوذية.. الى التمساوي كافكا وأن قرأت روايتب ( القلعة) و ( أمريكا) وحتى روايته (طبيب القرية) نجد عالما واقعياً ولكن أقرب إلى الأحلام الباذخة وركز على ان الانسان الحديث تهب القلق ويطغى عليه شعور عميق بالخطيئة.. هذه شخصية الأدب الألماني كما أزعم وحيث انني اكتب من الذاكرة والاستجابة المباشرة فإن هذا الموضوع شائق وعميق ويحتاج لمن هم ارقى منى في الرياضة العقلية والتصنيف والمقارنة الذهنية. وترى بإطارات عامة أن هناك شخصية لكل ادب فى أى أمة.. ولهذه الشخصية صفات. فالأدب الروسي فى مراحل تبلوره الاخيرة سار في الطريق الذي بلاثم الروس وهو طريق المدرسة الواقعية. وتتصف بالشعور بالمسئولية الاجتماعية واتخاذه طبقات الفلاحين والطبقات الدنيا كمادة الموضوعاته وهي كتابات بدأت مع ( جوجول) واتخذت صفاتها الشخصية الساطعة بالقمم الثلاث الشامخة تور جنيف و دستويفسكي وليو تولستوي.. والواقعية الروسية وضحت حتى بالقصة القصيرة وبلغت الذروة مع تشيخوف.. وغلب على شخصية الادب الانجليزي روايات المعاناة البشرية وآثار الاكتشافات الجغرافية واللغة الامبراطورية مع الاتساع الاستعماري.. وقصص المغامرات وحبكات الزوايات البوليسية ( اغانا كريستي ، وكنان دويل وروايات المغزى مثل قصص اليوت كاتبة تسمت باسم رجل وهذه ظاهرة جورج اخرى).. والادب المسرحي صبغ التراث الانجليزي من وليم شكسبير الى برنارد شو واتجه الادباء إلى الكتابة البعيدة عن الادب الخالص باتجاه واضح اضاف صفة للشخصية الادبية الانجليزية في كتابات هـ. ج. ديك. و برتراند رسل. ومن صفات شخصية الأدب الفرنسي التعمق في موضوعات فلسفية سياسبة مثل كتابات مونتسكير وروسو ، وفولتير.. وقادت شخصية الادب الفرنسي الحركة الرومانسية بأدب شاتوبريان ولامارتين. وهوجو.. والمقام يضيق ولعلني اسرفت ولكن قد تاتي مناسبة للتحدث عن المدارس التي تأثر بها أدباء الخليج في العالم العربي من المشرق العراقية واللبنانية والمصرية).. وتأثر جبل حالي بالرياح المغاربية. وفي النهاية الادب تعبير عن الامة.. والامة كيان بصفات مميزة.. وتراث متميز.. وتقاليد وعادات مميزة. وعندما تعبر الامة عن طريق ادبها فان الأدب رغماً عنه ورغما عنها.. يحمل صفاتها!!