تربصستان
سنة النشر : 03/09/1999
الصحيفة : عكاظ
فيما يرى النائم عشت حلما غريبا ، كانت أحداثه ورؤاه مكشوفة ناصعة وكأنه الواقع أو هو شيء مواز للواقع... عالم الأحلام هذا المدهش الغرابة ، بدأت أحداث الحلم كمثل ما يصير في كل بداية يوم عمل في مكتبي اتصفح البريد... ولفتني مظروف أصفر ذو بريق غريب يامع مثل عمود النور بين كومة الأوراق وإذا بي وبجذب لا يصد افتح المظروف وأجد دعوة منسقة أعمق اصفراراً لزيارة دولة تربصستان!!
وها أنا في بوابة المطار الأصفر (يبدو أن اللون الأصفر هو اللون الوطني لتربصستان ما السبب ؟!!) تعطلت في دائرة الجوازات لأن ضابط الهجرة في المطار (والغريب لون بشرته الصفراء وحدقتا عينيه الصفراوان وحتى بزته الرسمية باللون الأصفر) وقال لي أن أحد المتربصين ضبطك ضاحكا منذ نزلت من الطائرة إلى بهو المطار ، إذن أنت تسخر مما تراه ؟ واسعفتني قريحتي الصفراوية قائلاً: بل كنت أبتسم منتشيا بهذا الاصفرار المحيط بي. وأطلقني... ولكن زميله الآخر كان متربصا له ، ورأيته يجري للإدارة ربما ليبلغ عنه بعد أن ضبطه يشد على يد أجنبي غريب... وأخذتُ عبر الطريق الصفراوي إلى مدينة أصفر اباد عاصمة الامبراطورية الصفراوية ، وبلغ سائق السيارة التي اللتني أكثر من مائة بلاغ إلى مركز الشرطة متربصا بكل عثرة أو هفوة يرتكبها السائقون الآخرون.. وحتى المشاة ثم اشار لي منشرحا ومنصفرا إلى شهادة فخرية ووسام أصنفر على صدره.. وكتب على الشهادة المواطن الصفراوي الذي بلغ عن ألف من زملائه في شهر واحد.. وفي مكتب الاستقبال الرسمي... طالعنا مسؤول أصفر.. حالك الإصفرار.. وبدأ يكيل تربصاته ببلدان الزائرين المدعووين وأن بلده الجنة الأرضية حيث الحرية الكاملة للمواطن.. بأن يتربص بأخيه المواطن ثم عرفنا أنه تلقى مكالمة من جهاته العليا بفصله من عمله.. لأن زميله أحد كبار المتربصين في المكتب ضبط عليه وعلى رؤوس الأشهاد المتربصين الأخيار بانه قال الحرية الكاملة للمواطن ، ولم يقل الحرية الصفراوية الكاملة.. سقطت كلمة الصفراوية وسقط هو معها... عندئذ جريت هلعا أريد العودة للمطار.. ولم أجد سائقي في السيارة. وعلمت أن أحدا تربص به وسحبت شهادته التربصية الفخرية.. ومعها رخصة قيادته الصفراء
وعند وصولي المطار رأيت أخي متربصا به في انتظاري.. وايقنت أنه أصابني "فوبيا التربص"...
و استيقظت ملعا.. مفزوعا وتلفت حولي.. وحمدت الله كثيراً على أن تربضستان مجرد حلم ناء بعيد!