مردوخ: المواطن الكوني

سنة النشر : 30/05/1995 الصحيفة : عكاظ

 
من الظواهر العالمية التي لابد أن نعرف عنها الكثير ومن ثم نرى كيف سيكون رد فعلنا الثقافي والحضاري والتراثي حولها وعنها ظاهرة رجل الاعلام الكوني الذي صار مارداً خرافيا حول الميديا الأرضية بكل ما تحمله هذه الصفة من زخم ذلك الاسترالي الاصل الأمريكي الجنسية ( مؤخراً) روبرت مردوخ MURDOCh ولنبدأ من النهاية أو من آخر انجازات هذا الرجل الذي يبدو أن طموحاته وشراسته في توسیع امبراطوريته لا تحدها حدود. تاريخ وفتح هائل لثورة وسائط الاعلام المتعددة MULTIMEDIA ذلك الذي تمت فصوله في شهر مايو الماضي حين احتضن هذا التنين الاعلامي شركة MCI للاتصالات ضاخا بليونين من الدولارات.. وهذه الشركة هي ثاني أكبر شركة في العالم لاتصالات المسافات الطويلة وسط أنباء أيضاً بانه يزحف رويداً ليقضم من امبراطوريات دتيرنر سي ان وممتلكات سيلفيو برلسكوني الاعلامية الشاسعة في أوروبا وآسيا. ويات مردوخ الان وبلا منازع وحيداً في قمة الاعلام الكوني السامقة. انه هذا الرجل المولع بالسطوة يفكر. استراتيجيا بطريقة مختلفة عن الشرفين الى القيادة والتحكم في الجموع الانسانية فهو لم يركز على القوة كهدف أو على السياسة كمنهج بل على الوسيلة ليست تلك توصل الى الهدف.. بل وتتحكم فيه فتبدو كأنها القوة المهيمنة والصفة الكاسحة لتغيب داخلها الاهداف وذلك عن طريق وسائط الإعلام المتعددة لاعن طريق السياسة.. ان مردوخ يحاصر حرفياً كل قاطن على هذا الكوكب أما بالصحافة المقروءة أو عن طريق شبكات التلفزيون عبر القارات أو عن طريق الاتصالات الارضية بكل انواعها أو اتصالات الفضاء بكل تقنيتها.
 
ويخطو مردوخ فوق هذا المجد والنجاح خطوة عملاقة مستقبلية لا نعلم ولاحتى هو لها. حدوداً أو معالم إلى ماتنتهى اليه ثورة المعلومات عن طريق شبكات النقل السريعة حتى لا يترك لاي طموح فرصة مزاحمته على القيادة.. أنه يصر على انه يقود العالم ويريد ان يبقى كذلك والثورة القادمة التي يستثمر فيها مرودخ هي ان جاز لي التعبير عهد عتبات اللانهائيات ، حيث أن ما نعرفه عن ثورة الاتصالات القادمة هذه مثلا ان يفضل خاصيات الالياف الزجاجية فإن ما يساوي في الحجم سمك شعرة يستطيع استيعاب احمال كافة اتصالات قارة اوروبا الهاتفية في وقت واحد.. لذا فإنه سيمكن ارسال صور واشكال من والى أي جهاز كمبيوترى داخل المنازل وبلانهاية.. ولا نعرف حتى الآن هيئة هذا الجهاز أهو على نمط جهاز التلفاز المالي او الكمبيوتر الشخصي والذي فاقت مبيعاته العام الماضي أجهزة التلفاز في الولايات المتحدة.. أو عن طريق جهاز عارض (بروجكتر) ينقل الى أى مكان في أي زمان ان هذا المنتج المستقبلى لا نعلم كنهه بعد.. كل ماندركه انه سيطغى على العالم وبتأثير لا نعلمه.. ما نعرفه بالتأكيد أن مردوخ بدأ الاستثمار به وبالمليارات ليس منذ الآن بل منذ مدة.. وذلك انظر إلى آفاق استشراف المستقبل بوضع هذه الاموال الفلكية في كل شيء له علاقة بعالم الاتصالات.. أي شيء بدءاً بمكتبات وارشيف الافلام الصحف الاقمار الصناعية الشبكات الالكترونية شركات الهاتف والاتصالات.. والمعنى واضح الربح من الثورة المعلوماتية من أي اتجاه مالت.. كما اتضح للجميع ممن يدعون منافسته بانه رجل رؤيا مستقبلية.. واتضح كما قلنا أن أهدافه السياسية هي لخدمة مصالحه الاعلامية العظمى.. لا العكس. وصفة اخرى فهو يطمح لتشكيل معلكة عصرية كونية له شخصياً وباسم عائلته ليتوارثها الأبناء من بعده.. وهو عندما يبتلع الكيانات الاعلامية الكبرى فهو لا يتبع الطريقة التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة بالشراء بأسهم الشركة المشترية وادخال الملكيات الجديدة بحصصها ، انه يشتريها بحر ماله نقداً سائلاً ويحتويها داخل الحوت الهائل (عائلة مردوخ) وستنتهي باقي ملكية MCI العملاقة بأن تكون صوتاً لا يمثل سوى عشرين بالمائة وفوق ذلك. يصوت فقط العائلة.. عائلة مردوخ الفائقة.
 
بقيت معلومة.. مردوخ يهودي!
 
والمهم.. ذلك الانسان النوراني.. من تلك الهبات السماوية لرعاية العباد على الارض.. ذلك الانسان الذي قدره وحبه السعي الذي لا يكل لزرع الشفاء..والبهجة والأمل.. ذلك الانسان الذي يلج الابواب مع زخات من الفرح وانوار متلا لثة من الجمال ومواكب من الطيبة والتفاني والسمو.. من رأى انساناً مشعاً. رأيته مؤخراً.. وعندما تنسحب رؤاه تبقى اشعاعات الضوء إلى الابد..
 
ياذاك الانسان.. ما أجمل الانسانية بوجودك!