لا ننسى
سنة النشر : 09/05/1995
الصحيفة : عكاظ
لابد أن يكون للامم تاريخ وماض كما لابد ان يكون لشعوبها ذاكرة لاستعادة هذا التاريخ واسترجاع ذلك الماضي.. ولابد من أن يكون لكل فرد فيها عقل وضمير للاعتبار من التاريخ واستدراك احداث الماضي لتجنبها في الحاضر أو المستقبل إن كان حدثاً مرجعاً وتكريسها في الماضي والمستقبل متى ما كان الحدث مشرفاً وقويماً.. والمهم الذاكرة.. الابتداء بالذاكرة والتذكير.. حتى لا ننسى.
لماذا أقول هذا الكلام واستهل به هذا المقام وعيد الأضحى على الابواب ومواسم الحج يعم أريجها الدنيا الاسلامية.. أنه- فقط! لنتذكر ما يجري من أهوال وما يرتكب من فظاعات بحق المسلمين حول العالم.. وهنا لا نتذكر للاسف العميق ماضياً ولا نعيد تاريخاً بل نسجل حاضراً أخاف أن تعتاده إلى أن ننساه..
وايضاً ترجع لليهود الذين تعترف بأنهم سادة الذاكرة في العالم وانظر كيف غسلوا ادمغة الدنيا بتاريخهم وما يدعون أنه تاريخ ولا يكتفون بالتذكير بل أنهم كيهود شطار يجنون ثمن ذلك من كل مكان.. في كل مناسبة.. من أي بلد! ان العالم بعد الحرب الثانية والاجيال الجديدة بعد الحرب تعرف عن هتلر وعن مذابح اليهود أكثر مما تعرف عن أحداث الحرب الأخرى. بل- ربما أكثر من تاريخ بلدها عموما.. واليهود لايتركون فرصة دون ان يذكروا أجيالهم بأحداث الهولوكوست ومعسكرات القتل الجماعية التي اقامها الرايخ الثالث لاستئصال اليهود...
وبينما يجتمع قادة العالم في ذكرى مرور خمسين عاما على انتهاء الحرب الكبرى الثانية والمراجعة كما يقول البرنامج وسائل التقارب والتعاون بين اطراف تلك الحرب ولتكريس وسائل راسخة للسلام وبالذات في القارة الأوروبية والتصدي لأي ظواهر قد تسبب انبعاث شرار حرب جديدة من أي نوع. وتتحرك الآلة الاعلامية اليهودية الساحقة لتصبغ على هذه الذكرى شبح الهولوكوست وماسي اليهود واسترجاع مذابح الشيطان وممثل الشر الزعيم النازي أدولف هتلر.. ان مجلة رصينة كالنيوزويك تبدأ وتنهي تغطيتها لهذا الحدث النصف قرني حول محور اساسي وهو التذكير بما جرى لليهود. والتذكير- وهذا مهم وبدلالة لا تغفل- عن من عمل هذا باليهود وتدعي المجلة أن هتلر دخل في المحصلة اللغوية العالمية. كتجسيد للشر.. حيث رعب الهولوكوست استرجع مرات ومرات (فقط) هذه هي صورة هتلر امام العالم "جلاد اليهود".. بل أنه في هذه المرة لم يكتف بالتذكير بالماضي بل بتوجيه الوعي للحاضر وتنبيه الضمائر للمستقبل. قالامة الالمانية مازالت مجرمة ومهما عملت كوسائل التكفير عن جنايات وارتكابات الحزب الناري الا أن هذا لا يكفى لاستصدار أي صك للبراءة من محاكم الإعلام والميديا اليهودية وتورد النيوزويك حيث أن الألمان أدخلوا اوروبا الى مجمعة حربين كونيتين في القرن العشرين.. فانهم ( الالمان) يعلمون أنهم يعيشون تحت مجهر (ميكروسكوب).. كل خبركة منهم تمحص... كل ظاهرة اجتماعية تفحص.. لضبط أي علائم على أي حماقة وشيكة..الحدوث... اليس في ذلك تعريض للشعوب الجرمانية.. على أي حال هم ادرى بذلك.
والمسلمون لاحاجة لهم الآن في تنشيط الذاكرة ولكن التسجيل لها والتفاعل من خلالها فاحداث الابادات الجماعية والأفناء البشرى واستئصال ونوع الجذر الاسلامي قائم الآن وشواهده امامنا في كل لحظة ولكن اخاف أن تصاب بمرض الهروب من الواقع أو فرض النسيان السيكولوجي على ضمائرنا وعلى عقولنا... تعالوا نسترجع ونستعيد بل ونعيش بجوار حنا وخيالنا وفكرنا وعقيدتنا ماجرى بتلك القرية الشيشانية الوادعة منذ قرون ونضع احداثها أمامنا وامام العالم بصورتها الدرامية كما يفعل اليهود بمأسيهم... يدافع الرجال البراسل وهم شبه عزل امام السلاح الروسي الذي كان يوماً اقوى جيش في العالم ويفنون ببطولة باهرة مستشهدين عن آخرهم.. ثم.. يبقى النساء والاطفال والعجزة. ( والبقرا) ويبدأ صبيان الجيش الروسي باحتساء الفودكا الفاسدة والمخدرات حتى الثمالة ليبدأوا لعبة المسلخ الجماعي ويذبحون في هيسة حيرانية منسوسة بلذات سادية جنونية النساء واحدة واحدة. والأطفال فرداً فرداً.. والعجزة ولم ينسوا حتى البقر حين لم يشبعوا من قتل البشر.. من ينسى ذلك.. من يستطيع أن فظائع الهولوكوست لاتقاس بما عمله ابناء الروس في تلك القرية التي كانت تخلن انها ترقد في ضمير العالم اليس من أقل حقوقهم أن توقظ العالم.. ونبقيه يقظا الى ان يقتص لها أن كان ينفع القصاص.. وللتذكير مرة اخرى.. فالقتل مازال جارياً.
وما يجرى فى البوسنة والهرسك من ابادة علنية العجيب فيها ان الصرب هم الذين يذكرون العالم صباح مساء أمام عينه المفتوحة بكل عدسات اللاقطات الفضائية علناً.. جهاراً.. نهاراً إبادة وإنهاء عنصر بشرى من وجه الأرض.. والعالم يقضى وقته بمراجعة ملفات ووثائق وافلام وكتب مذابح اليهود منذ خمس وخمسين سنة.. ومن من العالم.. أو منا يستعيد المعاناة التي تفوق وصف اي مأساة بشرية لما يجرى للمسلمين في بورما.. أولئك الذين نزعوا من جذورهم ورحلوا بأدني الممارسات واشد الاذى وإلى اين؟ الى بنغلاديش التي نعرف ما تعاني.. واسبح بخيالك في كيفية معاشهم اليومي.. وادرك انك على الاقل ستطرق طويلاً.. طويلا...
يأتي عيد الاضحى المبارك وحج بيت الله الحرام والمسلمون في محن وندعو الله ان تكون أعيادنا القادمة.. أعياداً يكتب الله فيها للمسلمين عزة ونصرا.. وعلى المسلمين ان يعزوا انفسهم ويؤمنوا بنصر ات. ويعملوا من اجله.