ديفيدسون .. يتكلم
سنة النشر : 20/12/1994
الصحيفة : عكاظ
في الحقيقة يجب الا نغفي في هذا العالم النجب بعين الغافل الوادع ونحن (أعني معشر المسلمين على اختلاف سحناتنا وقومياتنا ومشاربنا ورياحنا السياسية والمصلحية) فالكثير من الدول الاسلامية المتعقلة تحاول أن تتعايش وتتكيف وتتلاءم مع الأوضاع العالمية الشرعية والقانونية والسياسية والاقتصادية وحتى الاعتبارية وذلك لتكون صيغة مقبولة في المسار الدولي تنتهج فيه المصالح الكلية وتجتنب ما يعكر صفاء هذه الصيغ حتى لا تكون موضعاً للوم والتخوّل لنفسها أولاً حقاً مصداقياً فيما يعترك في الأرض.. وفي سبيل ذلك ربما تغاضت دبلوماسية هاته الدول وإدراكاتها وقبولها لوقائع في الحياة السياسية عن بعض الممارسات والمطالبات التي تكتنفها حقوق مشروعة في سبيل عدم تنغيص قلوب بعض دعاة الحق العالمي وانظمته السياسية والاقتصادية الجديدة. ولكن أين يقودنا هذا ؟ وماهو الدور الذي تلعبه إن لم يكن للعالم فلأنفسنا ؟ بل ماهي الأدوار التي تلعب درتنا ونجلب لها وقت الحاجة لإضفاء رتوش تحتاجها فقط اللوحة في اطاراتها النهائية ؟ سؤال قد تكون أجابتي من ايحاءاته ، وهو الاستلاب المتزامن والاستحواذ المتدرج والانتظار في ملفات الاستدعاء عند الحاجة في أعداد القضايا.. والحقيقة أن الاجابة ومن المواقع الذي نراه باعيتنا المجردة ونعيه بوعينـا المباشر بل والذي يركل احساساتنا أن المسألة كما في سفسطة القانون تعدت ملفات الاستدعاء إلى ترتيب دلائل الضبط. لقد قرأنا معاً أو أنني اقترض ذلك على مدى المقالين السابقين بعض الملاحظات عن كتاب الكوكب الغاضب والذي يبدو برينا يدافع عن كينونة وصحة الأرض بلغة المفروض أن تكون ايكولوجية الطابع والمقصد.. واذ بنا وفي صدر الكتاب قرى الاصابع المرتعشة حنقا تتجه الى صدورنا باننا بلاء العالم واننا ويا للعجب حتى فيما لم نفعله البتة ، من فتحنا صندوق الأنام والشرور كذلك الذي فتحه فضوليو ميثولوجيا الاغريق ليطفح العالم بؤساً.. وذلك ببساطة هكذا ، لأن النفط كان تحت أرجلنا.. ولما خرج من قصقصه زرع التلوث والقذى في العالم ، ولا أدرى ما نوع المطهرات تلك الموجودة في نفط النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة.. ولكنها عين السخط تبدي المساريا. انه شيء فينا.. ربما.. أو شيء نستخدم من اجله ولاجله فإنك لا تحتمل أداة تشكيك هنا ؟ لا تحتملها قطعا!!
وجايمس ديفيدسون J.D.DAIVDSON رجل من ألمع الاقتصاديين في العالم ، أن لم يكن أكثرهم توهجاً واشغالا للأوساط التجارية والصناعية في العالم.. وهذا الرجل يختلف عن المنظرين الاقتصاديين الذين تعرفهم في انه ليس أكاديميا وليس شغله الشاغل استنباط النظريات او الجري في أروقة معاهد البحوث وصوالين الجوائز العالمية.. انه لصيق برجال الاعمال وطلاب الثروة وصيادي النجاح في اسواق الأسهم والسندات.. إنه بايجاز رجل يدعى نوعاً أو الكثير من النبوءة الاقتصادية وله ادعاءات في التنبؤ فيما جرى في العالم من احداث أثرت على الميول والاتجاهات الاستثمارية في كل حين ، وهو صاحب الدورية التي يتابعها مغامر و الاكتساب الاستثمار الاستراتيجي ، مع زميل له بريطاني يدعيان الصلة بكهنة العالم وصناع مصيره. ويمشيان خطوة أكثر بأنهما خير من يتعامل مع معلومات مصيرية استراتيجية ليضعاها تحت متناول من يرغب في كسب اكيد.. نعم بدون تحفظ.. أكيد.. وان اردت ان تعلم شيئا فنخبة من العالم تصدقهما.. ولذا تسير وراءهما.. هذا الرجل في كتاب ذائع من كتبه يرى أن الخلاص من الكتلة الشيوعية الحمراء كانت وبالا وبيلا على البشرية وعلى الحضارة وأن الجرم السوفياتي في عنفوانه كان توازنا السلام الأرضي ، وعندما تناثر شعاعا فإنه البدء في إظلام العالم وغرقه في الحروب والدمار. لماذا ؟ لأنه سمح بخروج كتل مترامية هنا وهناك يسودها الاسلام.. وهذه الكتل ستنضم مع الدول الآنفة الذكر في أول المقال لتعصر العالم حتى الموت. وهذا ما أعنيه انهم بدأوا برسم ادوار لنا لا تعلمها.. ولم يدر بخلدنا ان نقوم بها ونحن من الساعين إلى ضبط طريقة جلوسنا في الصف الدولي.. هل هي ارهاصات نسيناريوهات قادمة ؟ هل هي التشفي من تاريخ قديم.. هل هي تغيير اوضاع حاضر قائم لا يعلم الا الله مايديره بنوك العقول ومردة الاستراتيجيا في العالم الذي حولنا وبيننا.. وندعو الله الا يكون علينا ؟.. وليس لنا أن نبدأ من جديد انهى ما يحاك لنا فنخبتنا قرأت أمير ميكافيللي ولم تعره التفاتا في عوالم الأزياء المنشاة واحتفلت بآراء روسو لينعم بها الفرنسيون.. أظن علينا أن نخرج من داخلنا؟!
في الأسبوع الماضي افتقدتكم لزيارة عابرة للمستشفى.. ولقد كانت لحظات من التقارب الحميم كدت فيها أن أرحب بالمرض.. لم أكن أعلم بمقدار هذا الاهتمام من كثيرين. وكثيرين.. فقد كنت اعتقد دوما انني لست بأهل لحجم من الاهتمام يفوق وزني وفيما غرقت به من أمواج باقات الزهور وبطاقات التمنيات والزيارات والاتصالات وصلني ( شيئان) لا أستطيع وصفهما إلا بالشيئية لأنني لا أملك طاقة لوصف ما أسبغاد علي من فيوض في العاطفة والعقل والوجدان. فمن أخي المهندس عبد الشهيد السيني الذي زاملته وصادقته رحلة حياة عرفته فيها مهندسا لامعاً في علمه ومشاريعه ولايابه الا قليلا لما يسميه ( محفوظات) يفاجئني بانه صاحب ذوق في هذه المقطوعة التي أخذها لتكون تعبيراً عن شعوره وماعددته من قبل بحارا لشعر وهي عبارة يذوب عندها الوجدان فا ........... معي أني أحبك كي أبقى على صلة بالارض بالتاريخ ، بالزمن.
بالماء، بالزرع بالأطفال إن ضحكوا بالخبز بالبحر بالأصداف بالسفن... بنجمة الليل ، تهديني الجميل إليك.. بالشعر أسكنه ، والجرح يسكنني انهض «نجيبا» رعاك الله من قمر ( !) ان كنت حقا صديقي لا تخيبني زرعت في احاسيس المنى زمنا.. هلي أطالب الا تبقى في حزن أنت البلاد التي تعطي هويتها. إن لم أحبك أبقى دونما وطن...