كوكبنا الغاضب نظرة في كتاب 1-2

سنة النشر : 29/11/1994 الصحيفة : عكاظ

 
في احدي مقالاتي السابقة تطرقت إلى كتاب كوكبنا الغاضب وهو كتاب أعده اثنان من عتاة المؤلفين الامريكان وطبقت شهرتهما العالم.. الأول هو الأمريكي الفذ اسحق عظيموف الروسي الأصل ، العالم صاحب الكتب والقصص في الخيال العلمي الخصب المبني على دراية واسعة بعلوم الفضاء والكيمياء والفيزياء وبمساهمة مخيلة خصبة خارقة اعطت العالم اعظم قصص الخيال العلمي حسب رايي في التاريخ.. والآخر هو فردريك بوهل » الايكولوجي المعروف عبر العالم بخبرت وتشخيصاته المريضه الارض » الكوكب الوحيد الذي تملكه- على حد قوله. والكتاب من عنوانه- هو احد المحاولات الجادة بلا شك لتوعية قاطني هذا العالم بما أحدثوه واسلافهم ومن سياتي م في تخريب التوازن البيئي الارض.. وتعريض حيوات كاملة والاضمحلال.. والانقراض. كما لاهث للتنبيه والتحذير من التمادي هذا الركض الجنوني لجرف الانتحار وإن غلبت عليه الصبغة الكاتبان.. وبالذات فيما يقرره « فرد بوهل في تصويره للكتاب رنا بالفعل لمحاولة انقاذ كوكبنا من الاضرار.. فقد حصلت اشياء كثيرة: حقول تحولت الى اراض جرداء غابات اجتثت لتستحيل إلى صحارى وتم تسميم البحيرات وامتلأ الهواء بالغازات المضرة.. وأنه حتى قد فات علينا القدرة. على انقاذ انفسنا من عوامل خطرة أخرى لأنها قد بدأت تعمل.. وستأخذ حتما مجراها ومسارها فالحرارة الكونية وطبقة الاوزون الرقيقة ستست الانحسار ، وسيقتل التلوث أو يمرض المزيد من الكائنات الحية.. هذه العوامل ردت الى درجة انها ستزداد سوءاً قبل ان يطرأ عليها أي تحسن.. أن هذه الصيغة المغرقة في التشاؤم تعطيك انطباعا عن سلام العقل العملي العـــادي الى المعطيات التي امامه ، وهذا الذي يجعل شخصا مثلي ومثلك يدرك سعادة يقينية مهما ادلهمت الامور ليس لأننا لا نملك هذا النوع من الادراك بل لأننا نستلهم بعد) وايمانا فيهما اليقين وفيهما الاستكانة الى القوة والتدبير الالهيين.. وليس معنى هذا الا نكترث بالخراب الايكولوجي والتدهور البيئي ، واختلال انماط الحياة ، وتعكر مصادر البقاء ولكن ما نفع هذه النيرة التشاؤمية التي تجيلك إلى القنوط النهائي او استمراء التنكيل بالبيئة مادام فاتت علينا حتى من مراحل غرف الانعاش والعناية المركزة.. وعندما يبتعد الكتاب عن غلالاته السوداء ويتجه الى الشرح والتنبيه بالطرق العلمية فإنك أمام تحفة علمية تاملية في حال العالم وما آل إليه وما إليه سيؤول.. انه نوع من المسح العلمي لوضع أو أوضاع وحالات تهددنا.. تهددنا جميعا علينا أن نعمل إزاءها لتفادي أخطار الكوارث البيئية ما أمكن ويستعرض الكاتبان بحرفية متمكنة قنية راقية وبوضوح بلوري المشاكل تشخيص امراض الكوكب. وهي أولا: التزايد الحراري والمعروف الزجاجي والارتفاع الحراري ض ، حيث كانت مجال بحوث وشكـ راء واراء مضادة وذلك عندما اجتمع في مؤتمر واحد اكثر من ثلاثمائة عالم ومختص بظواهر البيئة ومن عشرين بلدا مختلفا لتحليل هذا الوضع. والنتيجة سخونة الأرض امر واقع.. والسؤال او التساؤل الذي نبحث عن اجابة دقيقة له هو ما مدى العواقب التي ستسببها هذه الظاهرة.. ولكننا نعلم أنها وخيمة وقد تقود إلى امتلاء الكرة الارضية بغازات قاتلة تخنق الحياة.. ما العمل الكتاب يدرج الكثير من الأعمال الحمائية لتدارك الظاهرة ولكنهما يقرآن وبالنبرة الجنائزية أن الاختراقات والمخالفات تفوق معدل العمل الحمائي.. وكلى ان لم يكن لنا رغبة في الحياة الى الغد.. وثانيا: تسميم الهواء ويكيـلان اللوم هنا على الوقود الحفرى والذي يكتفي بالمساهمة في تشكيل ظاهرة البيت الزجاجي بل تتعدى آثاره والسامة بتلويث الهواء الذي وتدمر الغابات بالامطار الحمضية وتشيع القذارة في منازلنا وتملأ بالفساد رناتنا.. وتتأكل الاحجار في آثارنا وتماثيلنا التاريخية ، وتقتل الاسماك لحقاب في البحيرات التي طابت مياهها عبر من الزمن.. وآثارها تقصر حياة الافراد وتوغل تخريبا في صحتهم ، وانها تمرض الاطفال وتسقم الكبار وفي بعض بلدان العالم تقتلهم ويحذرنا الكاتبان من مغبة. الفرح من الحلول المطروحة التقليل من العوامل الملوثة لمخلفات الصناعة.. فعندما ترى المداخن اشرايت في السماء لتتطاير الملوثات عاليا في الاجواء فقد يصفو عكر الجو اللندني.. والحقيقة أنها تسقط خرابا على بعد مئات الاميال كامطار حمضية مهلكة في غابات اسكندنافيا وبحيراتها وجداولها.. غير ان التسمم الهوائي لحسن الحظ يحمل لنا العالمون به اخبار مفرحة نقيض ظاهرة الارتفاع الحراري ( وان كان الكاتبان يركزان على أن «ظاهرة المنزل الزجاجي» ما هي الانتيجة حرق الوقود الحفري ؟ فهناك وسيلتان يمكننا عن طريقهما « علاج هذه الظاهرة الوسيلة الأولى لابد من تغيير نمطي رئيسي في طريقة حياتنا التي ترتبط بمصادر المنزل الزجاجي بانواعها ، والوسيلة الثانية التقليل من استعمال الوقود الحفري والغائه ما أمكن والحظر عليه لانه اصل الشرور كما يدعي الكاتبان). وهذا ما يجعلك تجزم عندما تتمعن في قراءة الكتاب الى الدعوة المبطنة والظاهرة الى محاربة الطاقة البترولية بالذات في ظل الدعوة الأوروبية والامريكية إلى ضريبة الكربون... وفى الحلقة القادمة سنكمل المشاكل البينية.. ثم نستعرض مدى المساس الذي. الحقة الكاتبان بمجتمعات البترول في الشرق الأوسط بالذات دون غيرها من دول العالم.. فإلى اللقاء عندئذ.