صندوق الهند | تتوقف!
سنة النشر : 01/11/1994
الصحيفة : عكاظ
کان من المفروض ان اكتب هنا الحلقة الخامسة من قصة "صندوق الهند"، ولكني أود أن اقف لاراجع ما كتبته واثره على القراء قبل المضي في اكمال القصة أو عدم إتمامها.. فبرأيي أن هذه القصة معالجة ورؤية تتم لأول مرة -ربما- في القصة ببلادنا.. واعلم تماما ان حكمي هذا تنقصه أهم الحيثيات.. أو كلها حيث ان القصة لم تتم اصلا.. بل أن بناءها لم يكتمل.. وما يجعلني اقول ذلك هو علمي- طبعا- كمنشيء لها بما سيجري لبطلها من احداث.. فنجد ان عبد الرحمن بطل القصة كان يعاني من اسارين الأول حبسه في ذلك الاسم التقليلي ( دحيم) والذي يعني صالة في القيمة وهامشية في الحضور والتالير. وهذا ما تعارف عليه أهل نجد وبالذات حتى طلائع العقود الأخيرة.. وبينما يحمل الاسم التصغيري دلالا وتحيبا في بعض المناطق العربية إلا أنه في البيئة التي عاش فيها بطل قصتنا تعني التصغير في كل شيء بدءا من القيمة الاجتماعية.. اما الاسار الثاني فهو ضنكه الشديد بجو القرية وبعمل الفلاحة المتكرر وثبات الزمن ورتابة المكان.. لذا ثارت فيه مشاعر فواره دفعته دفعا للتخطيط للسفر.. أو الحقيقة الى ( الهجرة). ورابنا ما اعتلج في نفسه من احاسيس وهواجس وأفكار.. والقصة وان كانت تدور احداثها في « بيئات تقليدية.. إلا أن التراكم التاريخي للقصة وماتجده من مفاجات واحداث لعبد الرحمن ستضعنا أمام تجارب له تختلف عن مشاكل وحبكة وعقدة وعواطف القصة التقليدية.. فبمضي احداثها سنجد انها لا ترتبط بالدوافع النمطية النابعة فقط من مجتمعنا الارتباط العاطفي أو التعامل خلال القصة من معطيات المجتمع تاريخيا وجغرافيا فحتى الحلقة الرابعة وكانت تحت عنوان « المغزى والتي رأيت ان تكون محطة الوقوف المؤقتة اكتمل تقريبا خروج البطل من ( محبسية) حيث نجده قد تأهب للرحيل بالاتفاق مع ابن ناجر القرية ومع جمال شهير ينقل البضائع من الخليج إلى وسط الجزيرة وخرج من محبس الضالة واصبح مكتمل الرجولة.. ومنحه والده دور الرجال ليدخل متن الحياة بعد ان كان على هامشها عندما قال له بلغت السادسة عشرة واصبحت رجلا.. ياعبد الرحمن) ولذا سميت هذه الحلقة ( المغزى) حيث فهم عبدالرحمن بان حياة كاملة جديدة وضعت امامه ومباركة من أبيه ( وبمحاولات جدته الخفية والحكيمة) على سفره... والمفروض أنه من الحلقة الخامسة وما يليها تبدأ الاحداث الكبيرة والمهمة لبطلنا ال ا الذي عندما قرر الرحيل.. لم يعرف كيف والى اين.. حتى وصل لأخته غداة قرانها صندوق موشي بالنحاس الذهبي يسعى بصندوق الهند) سحره الصندوق وقرر ان يرحل متتبعا لمتبعه.. وسنرى فيما بعد كيف سيمضي في رحلة من عشرات السنين يعاشر فيها ( الكويتيين) وهم يبنون سورهم الأول حول تجمع منازلهم المترامية حول شواطيء البحر.. وانحسار الاتراك وبدء النفوذ الانجليزي واحتكاك البطل بكل هذه المتغيرات وما سيكسبه من علم وخبرات من جراء علاقات لافجال الى ذكرها هنا.. وتدفعه الظروف للخروج من الكويت الى البصرة مع مكتب اتصال وتنسيق انجليزي حيث تكون له علائق عميقة ومتضاربة مع منقب اثار (أركيولوجي) انجليزي معروف كما تدعي القصة ثم تجره الظروف الى السفر بحرا ( بالطبع) الى الهند التي كانت معقل الإدارة الملكية البريطانية وانخراطه رغما عنه في مجرى التيارات العظيمة التي شهدتها الامة الهندية حيث كانت المقاومة السلبية للغاندي في أوجها... ويشهد ربما مباشرة- وعن قرب- الانفصال الهائل للامة الهندية حيث أدت جهود محمد علي جناح الى ظهور الباكستان الشرقية والغربية) في عام ١٩٤٧ م.. وما نعنيه عن قرب هو ما صاحب بطل القصة من اتصالات ومعارف في دائرة ( جناح) وزعماء واعضاء الجامعة الأسلامية.. واكتفي عن المضي أكثر وان كان من الجدير القول إن بطل القصة سيرتبط بزوجة او باكثر من خلال لقاءات التواصل والاعمال في مسيرته الدائبة ( من جنسية جديدة او اكثر).. أما متى سيعود؟ او هل عاد اصلا.. فهذا ما لا يجوز الافصاح عنه إلا في مكانه أي بالقصة ذاتها فضلا عن انها ليست معدة أو مكتوبة اساسا فهي مازالت في تلافيف ذهن وخيال الكاتب.
ثم ما وصلني من أكثر من قارىء عن عدم قدرتهم على التركيز على احداث القصة. عمود اسبوعي فبين أسبوع وآخر يمتلىء العالم بالاخبار والاحداث والمعلومات وتفيض فيه الجرائد ووسائل الاعلام ولن يجيء الاسبوع الآخر إلا والذاكرة قد حشيت بكميات من المعلومات وتخلصت بطبيعتها من معلومات اخرى وطلب مني بكتابتها يوميا.. وهذا متعذر جدا.. فهي ليست معدة أساسا ، ولا املك رحابة في الوقت وتفرغا لذلك..
والحل كما أرى هو الوقوف حاليا عند الحلقة التي ظهرت الاسبوع الفائت.. واكمال القصة بإحداثها وتراكماتها بشكل كامل ثم نشرها يوميا ( طبعا إن رأى القائمون على الجريدة استحقاقها لذلك. وأجدها مناسبة القول ـ وهو ماكان سيتضح لاحقا في القصة ـ ان احداثها كانت تجري في منطقة ما في نجد أو بداية احدائها ثم تنتقل الى اماكن سميت بالتحديد كما نعرفها.. وسيأتي وصف للبطل ذاته من حيث تكوينه وصفاته الجسمانية.. ومقدراته الذهنية.. وتركيبته النفسية.. وعقيدته الدينية.. والتي لها الأثر في البناء العام للقصة.. كما أود أن أنبه إلى أن القصة لم تجر على ارض الواقع وهي لا تعدو عن كونها أحداثاً خيالية بالكامل من ذهن الكاتب وكل ما يكتنفها من احداث أو أماكن او اشخاص او مناسبات واقعية هي فقط لاضفاء اللمسات الواقعية التي تربط اجزاء هذه الحكاية الخيالية... والقصة تجرى احداثها في اواسط العشرينات من هذا القرن وتتصاعد كبناء تاريخي كلاسيكي) الى احد العقود الأخيرة. أن كنت متابعا لصندوق الهند وتترقب أحداثها فاني استميحك عذرا.. وربما قبلت اسبابي ومبرراتي وهي من أجلك.. ومن أجل متابعة القصة. بصورة صحيحة.. وان اطلعت على هذا العمود اليوم ولم تتابع القصة فما أظنك خسرت شيئًا يذكر..