ومن الساحل الشرقي .. شيئان؟!

سنة النشر : 07/06/1994 الصحيفة : عكاظ

 
ظاهرتان في المنطقة الشرقية ارغب في التحدث. عنهمـــــــا فـي هـــــــذا المقام.. الظاهرة الأولى انتخابات غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية.. فلقد اقترب جداً موعد التقدم للانتخاب ولن يخرج هذا المقال إلا وقد بدأت عملية التصويت للمرشدين. وسيكون قلب كل مرشح معلقا بين اللحظة التي يخلو بها الناخب مع بطاقته الانتخابية واللحظة التي تعلن فيها ماتم التأشير عليه في البطاقة.. ولن اتحدث هنا عن الحملات الانتخابية ولا عما تفعله المجموعات الثلاث لنيل الحصة الاكبر من الأصوات ولا حتى عن استنتاجات او توقعات.. فهذه المواضيع كنت قد حققت بها في مقالتين الأولى باسم وجاء موعد الانتخابات » والثانية تحت هنا عنوان « ياصوتي العزيز ولكن سنشرح سيكولوجيا- ان شئت- نوعين من المرشحين وربما في أي نوع من الانتخابات.. وأميل جدا في التفرقة بين النوعين الى ماصنفه الفيلسوف النفسي الالماني اريك فروم ERICh FROMM في كتابه « ان تملك أو أن تكون TO haVE OR TO BE في التفرقة بين الشخصية المتملكة والشخصية الكائنة... فالشخصية المتملكة غايتها في الحياة تتمحور على الافتاء والجمع والحياة.. أما تلك الكائنة ( أي أن تظهر بوجود انساني) فهي التي تعمل على تأصيل القيم الانسانية الخيرة وفسح المجالات للاخرين للتفاعل ليخرجوا أقصى مالديهم من القدرات والمواهب والعطاء وترى في الانتخابات الجميع يسعى لجمع أصوات الناخبين وتقول كل مجموعة بانها ستعمد الى تقديم الافضل وتقدمت المجموعات الثلاث ببرامج جميلة ومتشابهة ان لم تكن ذات تطابق توأمي ونحن نعلم بخبراتنا وتجربتنا واكتسابنا وعلمنا اننا في نهاية اليوم سيكون لدينا نوعان لا ثالث لهما ( أقصد من المرشحين لأمن المجموعات حيث أنهم يحملون الصفات الانسانية العامة الفئة الأولى تلك التي دقت الطبول ودقت الاجراس وقرعت الابواب ودقت النوافذ ولبست كل المسوح وباعثها الرئيسي البروز الشخصي. والجاه الاجتماعي وخدمة الولع بالاقتناء. والفئة الثانية ذلك النوع من الأفراد الذين يعنيهم مصير زملائهم من رجال الاعمال ويهمهم العمل على كونهم ذلك الجسر الذي تنتقل عليه آمال الرجال وطموحاتهم الى اراضي الواقع والممكن ويقيسون اداءهم بما فعلوه للآخرين لابما أوفروه لذواتهم.. والفئة الثانية هي النوع الانساني والعملي الحكيم حيث تزدهر نفوسهم برضى الاخرين وتحقيق الوعود. وستزدهر اعمالهم باذن الله تبعا لذلك.. وستكون أعمالها ومنهجها تحقيقا لشعارات ومبادىء مقتنعة بها.. وعلى المترشحين الجدد أن يعلموا- ولا أشك ألا انهم مدركون لذلك ـ ان المجالس التي سبقتهم حققت اشواطا كبيرة في التغيير الى الاحسن وانجازها واضح للعيان.. ومعرفتي الشخصية بمعظم المرشحين تنبىء بأنهم من تلك الفئة الانسانية التي ستعمل على تثبيت الحسن بل وزيادته.. وستحاول تجنب المثالب وعلاج نواحي القصور واضافة الجديد لما يتطلع إليه كل مشترك في الغرفة.. واخيرا فإن الصامت الكبير هو صاحب الصوت.. وهو الفاعل النهائي ، وفي ضميره يقين بأن من سيعطيه صوته النفيس هو ذلك الشخص/ الاشخاص الذي يتوسم فيهم تطابق الشعار مع السلوك من ماضيهم.. ومن حاضرهم ومن استقرائه لزمنهم القادم..
 
أما الظاهرة الثانية: فهي تلويث سواحل البحر فلقد عزمت الخروج مع | العائلة عصر الجمعة للشاطيء وفجعت ـ لا افجعكم الله على عزيز- فيما يصدم العين من المخلفات المتراكمة والمقززة التي تركها المصطافون.. أما الذي يثير التقزز فعلا فهي أكوام الاوساخ على خطوات من البراميل الكثيرة الموزعة على طول الساحل لهذا الغرض.. وتحسرت على تلك الايام.. وكنا أطفالا يأخذنا أهلونا إلى تلك الرمال البيضاء النقية حيث تتجاور وتدخل مع مياه البحر اللازوردية الشفافة ترنو إلى آفاقه اللامتناهية موقنين بنظافته الابدية وبتطهيره للأدران والنفوس.. كنا نجوب تلك الاماكن الساكنة الجمال ذات الطبيعة التي لم تمس آنئذ من بواكير الزمن.. لقد كان بجيء من يقول لوالدنا بلغته الاجنبية لديكم اجمل شطان العالم.. فماذا حصل.. هل حسدنا ذلك الاشقر ؟ بالطبع لا.. إنه الاستخفاف بأثمن ما وهبنا الله.. وعدم الاكتراث إلا باللحظة التي تحت أقدامنا وليأت بعدنا الطوفان.. إنك لا تملك تفسيرا سوى انها قسوة على البحر لا مبرر لها.. وتلطيخ مكان سنعاود المجيء إليه مرارا أو اعتقاد سلبي بان هذا واجب البلديات.. واجبهم أن يأخذوا بقايانا من بين أرجلنا ليضعوها في البراميل المجاورة لأرجلنا!! يا لهذا البحر الذي نقتله كل يوم!! وكأنما لا ينقصه ما يفعله أبناء القراصنة في وسط البحار من القاء قمائم السفن ومستهلكات محروقاتها.. او ماتسوقه له احداث وكوارث اصطدام وجنوح السفن من تلويث فظيع؟! إن البحار أيضا تموت.. تموت فارغة ممتلئة فهل سيأتي اليوم الذي تكون فيها الاقيانوصات مليئة بالمياه فارغة من صوت الحياة؟!