أين الرحمة يا .. إنسان؟

سنة النشر : 23/01/2000 الصحيفة : عكاظ

 
الرحمة عنصر من تكوين الإنسان.. والرحمة أساس في البناء الأخلاقي فيه ، وفي السلوك الإسلامي ، وفي يقظلة الضمير.. ولا تجد إنسانًا خيراً يخلو من الرحمة.. الرحمة معجونة من الخير ، ومن التليبة ، ومن صفاء الفرد العلوي. عندما تضوي الرحمة ، وتغيب عن سلوكيات الفرد. يغدو كائنا شريرا مسخا.. ولا يطاق؟!
 
وكنا نقول إن أجمل ما في مجتمعنا هو هذه الرحمة وكنا نقول هذا ما يجعل هذا المجتمع جميلاً، ويجعل البلد جميلاً.. ومميزا.. ومازلنا نقول هذا الوصف.. مع ما يربكنا من أحداث تسمعها ، ونقرأها.. والأقطع عندما تراها بأم عينيك عندها تستقطع أحشاؤك حزنا، ويروغ قلبك -والله- هلعًا.. وتجن في دماغك الأسئلة ، لماذا ؟.. لماذا ؟.. وفوق هذه الفظاعة التي طمست معالم الرحمة.. يثور الغثاء في قمته مصحوبا بالقرف المر عندما يعذب القوي القادر المتحكم الضعيف ، العاجز ، وفاقد الحيلة ولا أملك وصفا لمدى الألم عندما يقع هذا السوم، والفظاظة، والسادية الكريهة على أولئك النساء المسكينات. أولئك الفتيات اللائى نُزعن من أهلهن وأطفالهن وأو طائهن.. مهزومات كسيرات فزعات، ليعملن أجيرات لدى أسر في بلدان وراء المحيطات مثل بلدنا.. وهن غالبا في حياتهن لم يتعدين خطوط حقولهن أو تخوم قراهن كيف تمتد يد عليهن ضرباً وجلدًا وتمزيقا مهما عملنا هذه اليد آئمة.. وأنها الإثم بعينه وعلمه...
 
رأيت في المستشفى هذه الفتاة الآسيوية العاملة -وهن يا ناس عاملات ولم يخلقن خادمات- وبها من الرضوض ومن الجراح والكدمات، والرفس حتى في أحرج الأجزاء!! من قبل كفيلها... يا السخرية كفيلها، والمؤتمن عليها.. إنه على قاس، لا خير فيه لبلده ولا أهله.. ولا نفسه... رجل مثل هذا فوق رميه لفضائل الإنسان المسلم والسليم ، قد يُحرج كل أمته لو فضحنا بصحف بلاد مكفولته!!.. الرحمة يا رب!