عبد العظيم .. وآخرون
سنة النشر : 23/08/1994
الصحيفة : عكاظ
انني ارغب في المشاركة معكم في بعض الأحداث في العالم وما لاحظتة من قراءاتي خلال الأسبوع..
أولاً: في التجني على الدين: إنني اطلع بانتظام على مجلة أكتوبر المصرية منذ صدرت وتابعت ما تعاقب عليها من رؤساء التحرير ابتداء من انيس منصور الى صلاح منتصر ، وأخيرا رئيس التحرير الحالي رجب البنا.. ويبدو أن السيد البنا ترك الحبل على الغارب في المماحكات التي تجرى بين كتاب المجلة والكتاب الآخرين والتي تدور حول الدين الاسلامي وحول تطبيقاته ، بدون التدخل حتى في تقويم الأخطاء الصارخة ، وحيث انني افرض صلاح النية في رئيس التحرير الا انني الاحظ اهمالاً في بث المعلومة الصحيحة فيما يتعلق بأمور الدين. والدليل ما كتبه المؤرخ الاستاذ الدكتور عبد العظيم رمضان في العدد الأخير من اکتوبر ردا على أحد الكتاب الاسلاميين حيث قال « والفتاوى التي تخرج من عباءة الاسلام من مذاهب تجزم بصحتها كالاسماعيلية والنصيرية والقاديانية والبهائية.. والوهابية ( ؟!). فانظر الى هذا الخلط السام المؤذي الذي ينضح بالقذى والزلل المبين في ضم ( الوهابية) الى مذاهب مارقة وصريحة الكفر في حين ان الوهابية ليست مذهباً أو مدرسة بذاتها ولا نسب الشيخ المصلح محمد عبدالوهاب ذلك الى نفسه.. لقد ارجع علوم السلف الصالح وحارب البدعة والضلال والجهل.. ارجو ان يتصدى علماؤنا لمثل هذه الأراجيف وبالذات عندما تصدر من استاذ مؤرخ أكاديمي عربي مسلم كعبد العظيم رمضان ثانيا: في مدعي الاصلاح الفكري والاجتماعي والمثال الساطع عن ذلك الكاتبة البنجلاديشية وقائدة الاصلاح النسائي ( كذا!) الدكتورة ( الطبيبة) تسليمة نسرين والتي استقبلتها وزيرة خارجية السويد استقبال الفاتحين حين لجات الى السويد هرباً بجلدها من غضبة الجموع العارمة في ماتجنت فيه على الدين الاسلامي في قصة نشرتها وتم طبعها في الهند » عن عائلة هندوكية تتعرض لتقلبات الحياة الاجتماعية والسياسية في بنجلاديش ، وما صرحت به في مقابلة صحفية عن رأيها في مراجعة نصوص القرآن الكريم.. أنها تدعي الاصلاح في عدوان جائر على الدين وعلى القيم.. تدعي الاصلاح في مجتمع متوائم ونعرف ان دعاة الإصلاح يظهرون عندما تعاني المجتمعات الضيق والعنت والضيم وسخرت الأحداث منها بأن قام من تريد اصلاحهم قومة واحدة.. وبصوت واحد مطالبين برأسها.. لقد حست الجموع بان ما أتت به نسرين هو شيء من تلك المقاول التي تود احداث الشرخ في العقيدة الثابتة والقيم المقبولة والسكينة التي عمت لقرون.. دون أن تنقلهم الى متاهات القلق وقفار الضياع ، والسخرية من عقولهم وكرامتهم في النيل من انفس مالديهم مقتفية آثار سيء الذكر سلمان رشدي الذي يلقه الخوف ، وتتقاذفه امواج التيه وتؤجج عذاباته الأقبية والمخابي تحت زفة ضبابية صفراء من التهليل الدعائي الغربي.. وهاهي تسليمة تبدأ سفر الضياع ومسالك الاغتراب عن الاهل والوطن والضمير والدين.. وفي يدها قائمة ترتجف أو همت ان اسمها سيدرج بها من ضمن «المصلحين؟!».
ثالثا: فيما يجري بالقارة الافريقية الجميع يعلم بالفواجع الانسانية التي تتوالى في هذه القارة الضائعة المنكوبة ابتداء بالمجاعات الماحقة الى الثورات الدموية ، وليس انتهاء بالذبح الجماعي في رواندا.. ولكن ما السبب ما الذي قاد القارة الافريقية الى سفوح الانتحار السناني.. لقد اختلطت الدواعي والاسباب ولكن سانقل هنا بعض وجهات النظر للكاتب جيرد بهرنز) في مجلة ( النايم).. فهو يرى ضياع الرؤية القام للقادة الأفريقيين بعد عهود التحرر من الاستعمار ( وان كان الكاتب الاوروبي مما سيتضح لاحقا) ولقد بدأ هذا العهد المتدهور بمقولة مشهورة للزعيم الغاني ( كاواسي نكروما) اطلاقها في اوج الحركة التحررية الافريقية حين قال اننا نفضل أن نسيء حكم ذواتنا بانفسنا بدلاً من ان يحسن حكمنا الآخرون ».. انها كما يرى الكاتب تعبر عن الاتجاه العام للحكام الافريقيين قبنوا صروحاً وهالات لأنفسهم وتركوا شعوبهم ودولهم تتخبط في ظلمات الضغوط الاقتصادية والصراعات القبلية، حتى بانت افريقيا السوداء بملايينها الخمسمائة من النفوس جنوب الصحراء الكبرى ( باستثناء جنوب أفريقيا) تنتج أقل من شعب دولة أوروبية صغيرة مثل بلجيكا التي لايربو عدد نفوسها عن العشرة ملايين.
ويعتقد الكاتب انه من المفارقات الساخرة ان تعتمد منظمة الوحدة الافريقية الحدود التي كرسها الاستعمار والتي كانت الفتيل الذي اشعل صراعات القارة التي لا تنتهي ، وكسر الامم في القارة الى دول ويقصد في الامم الشعوب المتجانسة... واقتصاد القارة مفارقة مؤلمة.. فهي تمدنت بدون تصنيع.. وتبنت العلمانية بدون العلمية.. وتتلخص فيما قاله عالم الاجتماع الكيني علي مزروي. لقد أخذنا من الغرب الحافز الربحي ولم ناخذ روح العمل بينما تتدفق البنوك وقوافل رجال الأعمال لأحواضر الزاهرة في حوض الباسفيك نرى ان افريقيا تستقبل جماعات الرحمة. والغوث وموزعي الحسنات.. ولقد عبر الكاتب النيجيري عن ذلك بقوله «ان الاحسان هو الافيون الذي يخدر به الموسرون الاستعماريون أنفسهم نتيجة لعقدة الذنب فيما جروه من آثام على القارة».