عندما قبل الشاعر النهر

سنة النشر : 02/08/1994 الصحيفة : عكاظ

 
كان السعوديون قبل البارحة على
 
كان ( لي بو) الشاعر الصيني التاريخي والذي كان محباً للعزلة والتجوال يمتاز بنبوغه الآسر في صبغ الشعر الصيني بالرقة الرومانسية التي اصبحت طابعاً فيما بعد. ومثل بعبقرية ما في الكون من سحر الغموض وتبعه الكثيرون ، وسار وراءه المريدون وزها بنفسه زهوا عميقا حتى انه مات غريقا وهو يحاول أن يقبل صورته المعكوسة على صفحة ماء النهر.. وما زال في التراث الصيني أشعر الشعراء وأكثرهم مجدا وأعظمهم ذكرا. وفي أيامنا هذه يحترق بعض من الناس مع فلذات قلوبهم حتى الفناء وراء مهووس صاده مس شيطاني واختلال ذهني مع ارتباكات واسقاطات مرضية نفسية ذلك في واكو من ولاية تكساس الأمريكية.. ومازالت دوائر العجب تتسع لدي ( خصوصا بالافلام الصامتة) وأنا أرى تشنجات هتلر ، وحركات أطرافه العصبية. وشاربه المقبوط المضحك يصرخ ويرتج يزيد من الحماسة المالية بفيض الالمانية ذات الحكمة والتاريخ) تخشع وراءه وتلتف من حوله وتسير تحت جاذبيته التي لا تصد إلى مهاوي الموت.
 
هذه مقدمة لتبين مدى ما يمكن ان يفعله الفرد عندما يمتلك قدرة نافذة للسيطرة والاقناع وما يجلبه ذلك من انحرافات وتغييرات لمجاري الحضارات الانسانية واتجاهات التاريخ.. ولطالما تنازع المفكرون والفلاسفة في السر وراء التغيير الحضاري والنوعي والحراك التاريخي فمنهم من جاء بفكرة العامل الجغر ومنهم من رجح العامل الاقتصادي الى أن جاء توينيي بنظريته التي اشغلت الناس المسماه بنظرية التحدي والاستجابة وهي نظرية عبقرية فيها الكثير من الاستدلالات الانعكاسية التي تقود الحراك النمو والكفاح للصعود إلى سوامق الحياة. وذلك بأن الناس ( المجتمعات) لكي تحيا لابدان تتكيف مع ظروف الحياة وظروف الحياة التحديات وخصوصا ان كانت شاقة أو وعرة والاستجابة هي المحاولات التي لاتكل للتكيف مع هذه الظروف أو التقلب عليها. وهنا تتحرك المجتمعات وتسعى الامم نحو الرقي ولكل نظرية أسانيد تعضد من دلالاتها وتؤكد على انيت ته ولكل نظرية الكثير من ارضين الذي يفك ون ادلتها ويد حضون براهينها.. إنما ما أنا قانع به و اثر الانسان الفرد ، وإلى عصرنا هذا ، على التغيير الدراماتيكي على مسارح الاحداث الارضية. فعندما يمتلك انسان ما هذه القدرات التأثيرية على عقول الناس. وتفوسهم ( وحيث أن العوامل أيا كانت لا يقدر لها من إحداث التغيير إلا بواسطة الجموع فهنا تاتي القدرة الخطيرة من العامل الانساني الفردي.. بعيدا عن. رافيا وبعيداً عن الاقتصاد العام ساني والوسيلة دوما الحش الانسانية.. فعندما خرجت العنا السوداء من ربقة القيود العنصرية فق شاء الله ان يضع رجلا بقدرات متفوقة. لتتحرك وراءه الجموع برغبة واحدة واحد وراء ارادة رجل لاتقل (هذه الارادة تفسي التي تنبه لها شوبنهاور فـ الفلسفية للبناء الحياتي والجماعي).. وإلا فان الجغرافيا عامل ثابت منذ مئات السنين عندما وطأت أول قدم بيضاء المجاهل السوداء ، وكذا العامل الاقتصادي او قل انها كانت موجودة وتتفاقم ولكن في انتظار العامل المحرك مو العامل الأنساني.. وعندمـ اوتسی تونج المسيرة العظمى افي الصين وجبالها كان تأثيرها الطاغي الذي امتص الفلاحين من حقولهم والبسطاء من قراهم لينضموا طوابير الشمس لاقتلاع تاريخ تليد، وزرع زمن جديد، ومجد ماوتسي تونغ وكان يترك الصين أشلاء مرحلة بعد مرحلة. والفرد بعد الالق الشخصي وعندما يملك السوط والسلاح والسلطة يضيف عامل الرعب والتفخيم الذاتي وتنقاد الشعوب هلعًا هذه المرة ويزرع في ادمغتها انه شر مستطير ولكن بقوى خرافية لا يمكن زحزحته ولا ابعاده وانظر الى كيم ايل سونغ ذلك الذي اطلق لقب المحبوب من ستين مليون كوري على نفسه.. وصدق ذلك.. ولم يجرؤ فرد في كوريا الشمالية على الأقل في عدم تصديق ذلك.. وما قيل في موته.. انظر الى اثره الفردي حتى وهو كومة من لحم ميت.. تعدى حدود العقل الى تكوينات جزائنية في مظاهر الكون كما. ادعت وسائل اعلام كوريا الشمالية أن الله عندما يشاء التغيير الأمة ما فإنه سیحانه یهیی کائنا بشريا العمل على احقاق هذا التغيير.. والعبرة العظيمة أن. الانسان وراء الانسان في الرفعة أو في السقوط.. في السمر أو في الانحطاط وكما ان المرسل والانبياء والمصلحين أفرادا حملوا الخير للانسانية عبر كل الاصقاع ( الجغرافيا) وفي كل الاحوال الاقتصاد) فالمسلم في الشمال وفي الجنوب في السهل وفي الجيل.. في القر وفي الحرة. في الثراء وفي الفاقة والعوز وهناك المسوخ الانسانية ذات القوى الاستثنائية التي قد تبدأ شوفينية- مبدئية بأهداف تتلالا وأمال بيضاء ويتبعها الناس تحت تأثير فتنتها وسحرها. ثم تنتهي نرجسية عاشقة لذاتها مطوحة بالعالم أجمعه في سبيل ارضاء نزوة أو اضافة صفة أو اشباع رغبة شاذة.. وهنا تأمل لهذه الفئة من البشر بأن ينهجوا نهج معلمهم القديم الف الذكر الشاعر الصيني لي بو) وذلك بأن يذهبو لأقرب محيط ليقبلوا وجوههم القاتمة المنعكسة على صفحة المياه. ويستقروا مع ( لي يو) في القاع الصامت الى الأبد...