المرأة .. ليست مسكينة!!
سنة النشر : 05/07/1994
الصحيفة : عكاظ
.. دائما نعود إلى مصادر وتعاليم هذا الدين الازلي العظيم.. الدين الاسلامي.. وكلما ادفهمت الخطوب لأننا أجرينا في البـــدء، وضع اشيائنا النابعة من ذواتنا الصغيرة للسيطرة على الأشياء العظيمة فوق هذه..الذوات.. عدنا في النهاية لالتماس انبثاقات النور من دستور النظام العلوي.. وكلما تافت مراكبنا الضئيلة في عباب الامواج الغاضبة ، وفي وسط الرياح المتلاطمة في اليم الشاسع وكنا بدءا اعتمدنا سائرين على مؤشر اتجاهاتنا المحدود.. توجهنا للعناية التي لا تغفل ولاتغيب ترعي هذا الكون. المقدرة الربانية التي أنشأت هذا الكون ولا يفتأ الانسان بفضولة الذي لا يرتدع وبزهوه بنفسه الذي لايرعوي عن الالتفات عما وضع له من النظام الالهي الذي هو كفيل بدفع أموره الحياتية والروحية والفكرية الى عوالم التوازن والوضوح وبالتالي الى مظان القناعة والراحة والنجاة. إلى أنظمة تنقصها دوما الادراكات الكلية.. والاحاطات المكانية والاحتياطات الزمنية وتبقى عجينة رخوة تصوغها التجارب وتعيد تشكيلها التطبيقات الى ان يأتي ذلك الحين الذي تفقد فيه الصورة الهيولية ومرونة التشكل واعادة التشكيل ولا مسلان انشذ إلا لركوب طوافة الاصرار البشري على تشكيل نظام حياته بنسف كامل للقديم ، أو بترميم يمحى معالم القديم.. أو العودة بعد مناطحة كل الجبال الى المنابع القدسية الرائقة.. واكثر المواضع مثارا للجدل عبر التاريخ القريب بالذات هو خروج المرأة للعمل وحقها في الاكتساب.. هذا شأن لن نناقشه لأنني من أولئك الذين يرون أن المرأة تستحق بلانزاع الحفاظ على كرامتها وصيانة قدرها والرفع من مكانتها بعيدا عن سفاسف الاستغلال وانحطاط المعاملة.. وهذا لا يتأتى إلا ان تنشاء تعيش كريمة مع رجل كريم.. أو بحماية نفسها وصيانة حاضرها وحفظ مستقبلها.. وذلك بالتحصيل العلمي وسعيها لعمل يناسبها يرسخ من كياتها ويقيها من عوائل الايام وانما مانحن بصدده هو كيفية الخروج للعمل.. ونوعية بيئة العمل.. لقد تطلب خروج المرأة للعمل في أوربا منذ نهاية عهد الاقطاع وبدء الحقبة الصناعية تغييرات محورية في حياتها ومن اساسياتها انها لم تعد الرجل هدفا للاستقرار ، ولا رمزا للدار ، وانتهت من كونها واقعا- أو كادت الرجل الخروج لجلب الرزق ومطالب الحياة.. واصبحت مع الوقت اما مشاركا رئيسا في الصراع اليومي خارج المنزل.. وإما سلعة بحد ذاتها تستغل من قبل الرجل الجشع.. أو الصناعي الذي تسير حياته على قضيب واحد هو المادة والربح.. أو الانفاق والصرف الجماعي ( حتى لا اقول الاجتماعي) على قبولها للعمل في المصنع والمعمل والمخزن ، ولكن بدرجة تقل عن زميلها الرجل.. مع شيء من الازدراء في معظم الأحيان. والحكايات الكلاسيكية التي صدرت في اوروبا من القرن السابع عشر حتى نهاية الثامن عشر يل ومشارف القرن العشرين من الامبراطورية الروسية الكبرى الى وسط أوربا وبريطانيا تروى عن التراجيديا النسائية ( والطفولية في عالم ومجتمعات الصناعة التي ثارت- كما وصفها أحد هؤلاء الكلاسيكيين- من بوابات جهنم.. وتطلب خروجها أن تكون بزي عملي بعد ان كانت في البراري والحقول ترتدي الطبقات المتراكمة من اللباس واعتمار الاوشحة على الرؤوس ارجع الى الزي النسائي الفلاحي في سكندنافيا وهولنده وفرنسا في أواسط القرن السادس عشر).. فرمت جانبا تلك الازياء المعيقة للحركة والخطرة في المصنع وبات يظهر منها ما خبي منذ قرون وبدات أوروبا تعرف الانتهاكات الفردية لكرامة واعتبار المرأة كظاهرة جديدة بسبب خروجها وحيدة مستخففة اللباس متاخرة حتى انهزام النهار من المصنع الذي امتص وقتها ودمها لتجد احداهن متسكعا سكيرا يعب من كرامتها. ويريق انسانيتها ولقد كانت ظاهرة الاعتداء على النساء قبل ذلك جماعية اثناء الحروب بين الجيوش والدول والاقطاعيات.. كما تطلب عملها فى المصنع والمخزن الاختلاط بدءا مع رب العمل الرجل ومن بعد مع الرجال العاملين مع تقدم الزمن وهذا تأريخ يحق للمرأة أن تكتبه بالعرق والدم والدموع لما تعرضت له من اذى كبير وتجريح لحقها وانسانيتها وشخصيتها بتواصل ازداد اضطراما مع الزمن إلى يومنا هذا.. ولن اضرب الامثال بما يسمى بالتحرشات الجنسية في العمل SEXVAL haRASSMENT وفي ارقى بيـ وقي ارقى بيوتات الاعمال ومع ارفع الشخصيات.. لن أحكي عن اعداد اولئك المشوهين الذين ينتظرون الانثى في الزوايا المعتمة وفي متنزهات المدن الكبرى والذي اشار الكتابة في هذا المقال مباشرة هو ما قرأته للكاتبة الأمريكية ديانا تريليخ عن الفصل بين الجنسين SEXVAL SEPARATISM وشكواها المباشرة والمبطنة عما تتعرض له المرأة من اهدار لشخصيتها عن طريق المعاملة الدونية والجنسية من قبل الرجل ولا تخفي مرارتها وحتى وإن حاولت وضع حد فارق بين الصخب الجنسي ( الصوتي)-SEXVAL NUI وبين التحرش الجنسي.. وتحذر في النهاية من (مغبة) تكريس واقع الفصل بين الجنسين.. وكنت اطلع على ماكتبة د. عبد الواحد الحميد عن ترجمة المرأة. وأصفا بحسرة بأنها مسكينة لما تتعرض له من جراء التفوق البيولوجي للرجل. وانا لا اخالفه وهو كاتب متجل ولن اختلف مع واقع أن المرأة مسكينة.. بل هي في المسلكيات الطبيعية للتكوين الخلقي قوية.. ومتفوقة جدا.. وتكوينها. الضعيف هيكليا يحمل تركيبا نفسيولوجيا اقوى من الرجل.. فهي تحمل الحياة وتعطي الحياة المعنى الباقي للجمال والخصب وارادة النجاح. وضعفها قوة واستخدام الرجل لقوته على المرأة يرميه الى قاع السلم الاجتماعي.. وانك أن اخرجت جوهرة في قارعة الطريق فالمسكين صاحبها الذي عرضها للاختلاس والسلب.. وعندما حمى المشرع خصوصية المرأة.. وحماها من خوض الصراع مع الرجل جنبا إلى جنب فلكي يمنع عنها الظلم والمسكنة وتبقى دوما قوية في حرز مكين.