الخيانة .. وسنابك البغال الوحشية

سنة النشر : 26/11/1998 الصحيفة : عكاظ

 
في اعظم النكبات، ارجعنا المشاهدة المفجعة في تاريخ الأمة الإسلامية العظمى ( لم) تجارها قوة ارضية خلال كل المد الخلافي العباسي.. وقبل ذلك نهاية الأموي. تلك المشاهد التي رسمها جرحا نازفاً بالدم القاني.. والهدر الحضاري: هولاكو الأرهب:.. لقد أبقى هولاكو الخليفة الواهن المستعصم بالله على قيد الحياة قليلاً هو وابنه نيفجعه بمرأى مقتل صفوة اهل بغداد.. مقتلاً غريباً طاعناً في الشر الهمجي. كاد المغول أن. يمضغوا لحومهم احياء قبل أن يسابوا منهم الحياة.. بعد قليل قتلا هذا قليل.. كان للخليفة وابنه دهر من الألام والرعب.. ولن احدثك عن كيفية فتلهما... ولكن ماذا جرى الخسيس الخائف الوزير العلقمي الذي سلم بغداد.. ورؤوس كرام اهلها إلى إيادي المانول وانيابهم.. كان يحلم بوعد هولاكو ، بان بر نسه بغداد... طبعاً شمله الطوفان الهولاكي.. وغاب في التاريخ بأعظم وكساتنا على الاطلاق.. من اكثر الأمور ضرراً لمصير الامم هو النظر الداخلي.. الفساد وضياع الولاء والخيانة.. لقد تفوق العلقمي للاسف الحاد- تفوقاً لم يصله حتى الآن خالة في التاريخ. انها التجربة المتكررة التي تمر دوماً دون ان يتمعنها أحد.. دائمًا البطانة هم ظهر الامة ومساند و ولاة الأمر بالمشورة والعمل.. متى ما جرت في هذا الظهر بوادر علة.. صارت عدوى تنهك الجسد العام..
 
بمعونة العلقمي تقوضت حضارة بغداد نجمة العالم البراقة.. بغداد العظمى التي كانت عصر ذلك متحف العالم العلمي والحضاري والفكري. وازيلت تحت سنابك البغال الوحشية قوة وروائع امة سادت العالم أكثر من خمسة قرون...