الوحش المتأهب

سنة النشر : 15/11/1998 الصحيفة : عكاظ

 
في العام ٦٥٦ للهجرة كانت بغداد ماتزال حاضرة العالم المتمدين مقرة للعلم والبحث والادب والفنون. كانت قوافل التلاميذ.. وطلاب الفرص، ومطاردو الاحلام يتوافدون كل يوم من جهات العالم عسى أن تعمليهم دار السلام بغداد أماناً ووعوداً في حياة افضل.. الا ان حال العالم الاسلامي جملة لم يكن حالاً طيباً على أي الاحوال.. كان هذا العالم مكلوماً جريحاً لا يكاد يقوى على الحركة والنهوض بفعل الضعف والوهن والتفرقة وتجزز الخلافة الإسلامية الى دويلات يحكمها ولاة وملوك دبت فيهم روح الجشع للسلطة وعشى فيهم البعد عن قيم الغيرة على الدين والامة.
 
كانت ابهى الدول: الدولة الايوبية التي كانت متماسكة التنظيم مهابة الجانب.. حفظت الاسلام خدمات جلى توجت في استرداد القدس من الصليبيين.. هذه الدولة البهية كانت هي الأخرى ترجع النفس الاخير وتموت تقريباً مع موت الملك الصالح ايوب.. عندها سيطر المماليك الطارئون على العبلاد.. في مصر.. اما الشام فكانت مهلهلة ومفتتة الى مناطق يحكم كل منها امير او وال يعادي جيرانه.. فوق انهم ضعاف لا يملكون مش الحشرات عن دويلاتهم.. أما الخلافة العباسية في بغداد فكانت خائرة تماماً جشة كبيرة تنازع الموت.. كان يوما مظلماً قاد الى انتهاء الأمة الشماء يوم سمح الخليفة المعتصم بالله لفئات الاتراك بالتحكم في دفة البلاد... وفي الركن الشرقي البعيد كسان يربض الوحش الشرس هولاكو.. متاهباً للانقضاض.