دوائر التاريخ (2-2)
سنة النشر : 26/12/1995
الصحيفة : عكاظ
في المقال السابق كنت اقدم لكم تقريرا من الاقتصادي صاحب الظواهر التنبؤية والاستقرائية للمستقبل الاقتصادي ليوجه كما يزعم المستثمرين الى افضل الطرق لمضاعفة اموالهم عن طريق قراءات تشاؤمية لأحداث كوارثية تصيب بنية العالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. هذا الكاتب جيمس دايل دافيدسون هو صاحب النشرة المعروفة باسم « الدراسات الاستراتيجية... وصاحب نظرية دوائر التاريخ المتكررة الكبرى والصغرى ويحلو له دائما التحذير من القوى الراديكالية الصاعدة في العالم ويوجه اصابع اللوم مباشرة وصريحة الى الحركات الاسلامية ويساويها مع الاتجاهات المتعصبة الأخرى عبر الأرض.. ولنكمل معا التقرير منذ زمن جهاز مدهش تم اختراعه هذا الاختراع احدث ثورة في العالم. هذا الجهاز الجديد انتشر في اقطار العالم المتقدم وبسرعة مذهلة.. ففي جيل واحد توزعت هذه الاجهزة في معظم المجتمعات.. بفضل هذا الاختراع الجديد باتت تكلفة المعلومات متاحة وبمقدور الكثيرين. إن مجموعات الناس العاديين الآن يملكون معلومات وهم يعملون على أجهزتهم الحساسية أكثر سعة وتنوعا من أولئك الاثرياء التقليديين اصحاب المكتبات الشخصية الباهظة التكاليف.. والاكثر من ذلك أصبح الناس يستطيعون نشر معلوماتهم ومعارفهم بسرعة لا تعقل في الماضي كانت الحكومات والمنظمات تسيطر على المعلومات.. الآن المعلومات- تقريبا- يملكها الجميع.. ويملك الأفراد الآن قوة لم يحصل ا عليها في اي وقت في الماضي. احدى الامبراطوريات الاوروبية العظمى صارت امام تحد من قبل ناسها ذاتهم. وظهرت اشكال وتكوينات حكومية وعبر المنظمات العملاقة للتفاعل والتواكب مع تقنية المعلومات الجديدة. فهل أنا اتحدث عن الكمبيوتر ؟ أم عن المايكروشيب؟ قد يكون ذلك.
ولكن في الحقيقة انني اتحدث عن اختراع الطباعة المتحركة ، فلقد علموك في المدرسة ان يوهان جوتنبرج اخترع الطباعة الحديثة.. ولكنك قد لا تدرك انها قد أعادت تشكيل العالم منذ ذلك الوقت.. مرة أخرى فإنني أود من وراء ذلك توضيح نقطة، فهناك نماذج عير التاريخ لفهم الأحداث ، هذه النماذج لن تسمعها في اخبار المساء.. فنحن نعتقد اننا نعيش على حافة تغيير سريع وكل شيء جديد ومختلف.. ولكن تقنية الطباعة في تلك الايام انتشرت مثل سرعة المايكروشيب وكان لها ذات التاثير بعد سنوات من هذا الاختراع تحدى رجل يدعى « مارتن لوثر ، الكنيسة الرومانية.. وخلال أسابيع كانت آراؤه تغزو كل ألمانيا.. الطباعة ساعدت على ذلك فني خلال اشهر عرفته اوروبا.. كلها ولولا الطباعة لما سمع عنه أحد.. وربما تمكنت السلطة من اسكاته او اعدامة والذي حدث.. انبعثت هذه التقنية الجديدة وبشرت بطلائع عصر جديد- وبطبقة جديدة من الناس تهفو الى القوة والى الثروة- الطبقات القديمة ولت.. وعمت الحروب والثورات القارة الاوروبية.
الدورات الكبرى في التاريخ تمتد الى خمسمائة عام.. ولا احد يعلم لماذا ؟ أنا اعتقد اننا في نهاية المطاف سنهتدي إلى تفسير علمي ، إلا أنني أعلم أن هذه الدورات دقيقة وبصفة غير عادية في العام. قبل الميلاد تداعت الامبراطورية الرومانية ، وافسحت العصور المظلمة الطريق للعصور الوسطى. وفي العام 1500 م بدأت عصور النهضة مع جوتنبرج ولوثر ، ودافينشي ، وكولوميس.. بواسطة البارود والمطبعة. ونحن الآن في منعطف الدائرة العظمى.. ومنعطف الدائرة الصغرى في أن وعلاماتها الانهيار والكساد الاقتصادي.. فلقد كانت هناك ستة انهيارات اقتصادية مقسمة مددها على ستين عاما لكل منها.. وذلك منذ القرن السادس عشر واسمح لي ففي العالم ١٥٥٠ م لم يعلم الناس آنذاك انهم دخلوا عصرا حديثا.. كما لم يدركوا في الثلاثينيات من هذا القرن انهم في عين الكساد العظيم.. الجميع كان يعتقد حينها أنها فقاعات سرعان ما تتلاشی ولا ننسى ما حدث في الاتحاد السوفيتي فبعد ان كان عملاقا بطول عشرة أقدام صار بعد دقائق يشحذ على أبواب الغرب.. فلقد اكتسح الاتحاد السوفيتي بتقنية جديدة مثل تلك التي اجتاحت اوروبا المتناحرة من مطبعة جوتنبرج.. ما حدث في اوکلاهوما والمبنى التجاري الدولي في نيويورك تنبثك ان العالم الامريكي على حواف تهديد عظيم... ان ماسيريحه الآخرون كما يدعي دافيد سون هو من استثمار الرعب وعدم الاستقرار في العالم أي ظاهرة الاستثمار المضاد للرصاص... بالرغم من كل ما يحدث من سوء في العالم.. التضخم الكساد. التدهور الصحي.. تهديدات المتشددين في العالم .
دافيد سون يتشدق كثيرا.. الانباء السيئة.. ان الكثير يستمعون!