ما الرابط بين مطار الدمام والميزانية؟
سنة النشر : 30/12/2015
الصحيفة : اليوم
.. كنتُ بمطار الملك فهد بالدمام، مع مدير المطار وفريق عمله من الشباب الممتهنين والمتخصصين. ولكن ما دخل هذا في موضوع الميزانية؟ هل يبدو لكم أن هناك ربطا ما بينهما؟ على أي حال يقول "دافنشي" إن سر اختراعاته وملاحظاته العلمية أنه كانت لديه المقدرة في الربط بين ما لا يبدو أن أي رباط يجمعهم، ثم يحدث ليس فقط اكتشاف الرابط، بل ان هذا الرابط ينقل لعلاقة ثالثة جديدة ترفع القيمة العلمية.. وفي مسألتنا هذه ترفع القيمة العائد الاقتصادي.
واقعنا الاقتصادي في سنوات الوفرة كان لا يعترف بالقيمة الاقتصادية المضافة كهدف أول، ويُقدَّم عليها اعتباراتٌ أخرى غير مادية لأن المال وفير، وهذا الواقع يصيب بالخمول الخيالي واللمعة الابتكارية في تعظيم المداخيل.
كان حال الواقع الاقتصادي أن المسؤول سيكون جيدًا فقط لو طبق التعليمات كما هي وكلما قل الفساد. وكان ذلك المقياس الأظهر للأداء. هذا كان واقعًا لنا نحن وحدنا، في كل الدول أجهزة الأمة تعمل للكفاءة والإنتاج، لذا يكون الابتكار والخيال البناء في رفع القيَم المضافة، أي جلب عوائد جديدة من أصول حاضرة، أو بناء أصول جديدة، ويكون هذا هو الطموح الأول، بل هو عصب حياة الأمة.
هناك كتاب جميل عن الهند، بالتحديد عن اقتصاد الهند في العقدين الأخيرين، عندما تقرأه ستجد أن ما حدث في الهند شيء يشبه المستحيل بمعدلات الزيادة الإنتاجية بسبب تعظيم إيرادات الأصول، يعني أن كل أصل موجود يمكن أن يخرج منه عطاء أعظم وأكبر بحكة عقل صغيرة من الخيال والابتكار لجلب عوائد أكثر.
إقليم "جوا" في الهند الساحر، وهو الوحيد الذي كان تحت الاستعمار البرتغالي بمناطق الهند التي استعمرتها إنجلترا، لذا فأهلها كاثوليك وعاصمتها "فاسكو دي جاما" على اسم المستكشف البرتغالي المشهور.
جوا عظمت مداخيل مينائها ومطارها حين طلب مسؤولو المرفقين من كل العاملين ابتكار طرق جديدة في التسويق والمناولة والتخزين وسرعة الإجراءات، وحوافز الاستخدام، والحرص على الوجود بكل مؤتمر وورشة عمل تخص الموانئ والمطارات، وهذا لم يعظم مداخيل المرفقَيْن بل كان محركا توالديا عمّ كل المنطقة، ورفع قيمة وكفاءة التفكير عند عموم العاملين.
لما كنت في اجتماع نسقه لي الصديق أحمد العباسي مدير علاقات مطار الدمام، مع سعادة الأخ يوسف الظاهري مدير عام المطار مع طاقم إداري شبابي ممتاز، بدأت بِ "التحلطم" فتصدى لي من يستحق صفة خبيرٍ معاصر في صناعة الطيران وهو الأستاذ عبدالعزيز الشلهوب، وقال لي: "صبرًا، وستغير رأيك". وهذا الذي حدث.
فقط وقع الشرحُ في قلبي لأني أومن بأيقونة تعظيم الأصول وأنها أول مهام أي مسؤول بأي مرفق، فأروني "واقعًا" القدرة التسويقية لقاعات مبنى المطار، ابتكار لوحات ارشاد تفاعلية، قياس أداء كل وحدة دوريا.. ثم الجوهرة التي عظمت وستعظم مداخيل المطار وسينعكس على كامل الأداء الاقتصادي بكامل المنطقة والعاصمة وهو "قرية الشحن النموذجية" التي بدأت تعمل، وفيها مخازن لأكبر شركات النقل البريدي السريع في العالم.. وتحدثت عنها بتغريداتٍ في حسابي بالتويتر.
طيب ما زلنا نقول وأين الربط مع الميزانية؟ دوما أسمع من المسؤولين وخصوصا الشباب الطموح والغيورين أنهم مقيدون ببيروقراطية ثقيلة تمنع أفكارهم من الانطلاق لتعظيم الدخول، وتعظيم الأداء نفسه في الخدمة التي تصب لأصحابها وعملائها. في ظل هذه الميزانية سيكون متاحا منطقا وظرفا وموضوعا أن تعطى مساحة أكبر للتطوير الإبداعي تتبع نظريات يطبقها آخرون لتعظيم الدخول بظل منافسات إقليمية ودولية مشهودة.
لو أن العقول التي اجتمعتُ معها بمطار الدمام أُطلِقَ عقالُ قدراتِها بتطبيق أفكارهم.. فجهِّزوا الحسَّاباتِ لعدِّ الأموال التي بإذن الله ستتدفق.