الأولاد والبنات
سنة النشر : 21/04/2009
الصحيفة : اليوم
.. لم يكن تشكيل أولاد الدمام وبناته اختراعا شخصياً، فقد كانت على الساحة هذه الأفكار والتجمعات الشبابية المنتجة والفعّالة، ثم ظهر أولاد وبنات الخبر وأشعلوا سماءَ العمل التطوعي ببراعة وتجديد وابتكار.. وبنات الدمام قصة، والقصة مازالت تـُكْتـَبُ فصولا.. فهُن يدِرْنَ كامل أعمالهن باستقلالٍ ينم عن نُضجٍ إداريٍّ ولوجستيكيّ أدهشني قبل غيري.
كان لا بد أن يكون للدمام فِرَق لأولادِها وبناتها، من ضمن أمل استراتيجي لطالما حلمتُ بهِ، بأن تنتشر هذه الفرق على كل مدن المملكة، بدءاً من مدن المنطقة الشرقية. وتبلورت فكرة عمل هذه الفرق، وهي التكميل، والانضواء ، لا العمل المستقل أوالعزف المنفرد.
وقلتُ للشباب في أول يوم تم تأسيس فرقة أولاد الدمام وبناته يوم زاروني لأطرح عليهم الفكرة: «عملكم يجب أن يكون مشابهاً للدم في جسدِ الإنسان، فهو يغذي كل أنحاء الجسم، ويتواصل ويصل لكل أعضائه، ولكنه يبقى خفياً متوارياً لا يراهُ على السطح أحد، لأنه بطبيعته الفسيولوجية خادمٌ وناقلٌ ومتمِّمٌ..».
وبناتـُنا وأولادُنا في المدن هم دمُها الدائر سائغاً في عروقِها، فنبعَ وحيُ الشعار: «الدمامُ أمنا، هي تحبنا ونحن نحبها..»، لذا جاءت صفة «الأولاد» و»البنات»، من كون المدينة بمثابة الأمّ. ولما كتبَتْ أديبةٌ بقامةِ السيدة «مها الوابل» عن بنات الدمام، فكما تقف طبيبةٌ وتشرح عن أهمية دور الدم في الجسد، فالدمُ الذي لا نراه نحن العاديّون إلا عند نزوفه من عبر الجلد، يراه الأطباءُ حاضرا في أذهانِهم وتصورهم التشريحي للجسد، ويعرفون أن أهميته توازي الحياة ذاتها.
ولأن الدمَ لا ينتظر أحداً لكي يشكره، فلم تكن السيدة الوابل تنتظر أن يتقدم الناس بالشكر لبنات الدمام لأعمال يقمن بها تنفع المدينة وأهلها، ولتكاثرهن ( ماشاء الله كتكاثر كريات الدم الحمراء وصفائحه التي تعطي اللونَ الزاهر لبشرة الإنسان المتعافي) ولكن لتبين أهمية وحيوية وجود هذه الفرق في مجتمع مدنِنا ولينتبه الأهالي لمؤازرتها وتأييدها.
ومسئولون من قطاعاتٍ مختلفة يشرحون خططا كبرى من أجل تطوير المجتمع المحيط ثم يقولون: نريد، أو بالفعل، نتعاون مع أولاد الخبر وبناته، وأولاد الدمام وبناته، ومع فرق شبابيةٍ صارت تنضوي تحت لواءٍ واحد.
ولما نظـَّم الشابُ «عبدالله بورسيس» حملة لزيارة المرضى انضم له أكثر من ألف وخمسمائة شاب من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن( لأعطيك صورة عن التفاعل التكاثري لحماسة وطاقة ومحبة الشباب)، ويتفاعل مسئولٌ مثل الدكتور أحمد الكويتي ويشرف على زيارة فرقة منهم لمستشفى الملك فهد الجامعي رغم الصعوبة الميدانية.
ويبادر مديرو مستشفيات القطيف ومستشفى الظهران العام للترحيب والتنظيم، ثم يستلحقُ الشاب عبدالله ويقول تجاوز العدد الألفين لأخذ الأيتام إلى رحلة على الشاطيء، وفِرَق نظفت قبل الأمس شارع الكورنيش بالكامل، وكان النظر إليهم يعملون من أجمل ما يشفي القلبَ ويُشبِعُ الروح. وها نحن نرى أن القوةَ والشجاعة تأتيان من شاباتٍ وشبابٍ عاديين، لا يتطلعونَ للبروز ولا الطمع بمكافأة عينية، فهم من ينقذ مدينتنا، وينتشل أيامَنا من ركودِ التشاؤم إلى سماواتِ التفاؤلِ والأمل.